تحول «تويتر» مؤخراً إلى ساحة من المناشدات الجماهيرية، يحدث هذا كلما سمعنا عن فنان كبير أقعدته الظروف الإنتاجية الحالية عن العمل فلم يعد هناك من يطلبه، أو فنان آخر أقعدته الظروف الصحية ولم يعد لديه مصدر دخل ينقذه ويضمن له حياة كريمة ما تبقى من العمر. دائماً ما يلتبس الأمر على الجمهور، بعضهم يلجأ لمناشدة جمعيات الثقافة والفنون، والآخرين يطالبون بإنشاء نقابات للفنانين لتقوم بهذه المهمة، بينما يذهب البقية لأبعد من ذلك، فيلجؤون إلى مناشدة وزير الإعلام أو وزير الثقافة علناً عبر حملات مركزة، غير مدركين أن ما سيقوم به أي مسؤول في حال تجاوبه مع تلك المناشدة هو مجهود شخصي لا يعني أي وزارة من تلك التي يناشدونها. في مصر، ولسنوات طويلة، كان يقوم بمهمة الحفاظ على وجود كبار النجوم واستمرار عطائهم رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، فهو من كان يؤّمن لهم الأدوار في الأعمال الفنية، ويفرض على المنتجين طلبهم للأدوار التي تناسبهم، بل أكثر من ذلك، كان يحرص على أن لا يتم تقديم الدعم المادي من قبل القطاع إلا للأعمال متعددة الأدوار والتي تضمن مكاناً لممثلين من كافة الفئات العمرية، فكان الجميع يعمل، ولم يكن يوجد ما يُسمى تقاعد فني بالإجبار. كلمة رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون في ذلك الوقت كانت العليا، ولذلك بقيت الساحة لسنوات طويلة آمنة، لا تعرف شيئاً اسمه البطل الأوحد، أو الشللية، حتى التبست الأمور، وكثُرت الجهات المعنية بالفن والنجوم، فلم يعد هناك من يحمي حقوق الفنانين لأن لكل جهة رئيس ولكل رئيس مجموعته ورؤيته وخططه وأهدافه، بعيداً عن المصلحة العامة لأهل الفن. هنا الأمر مختلف، لا يوجد اتحاد إذاعة وتلفزيون، لكن في المقابل توجد هيئة إذاعة وتلفزيون، والتي كان من المفترض بها أن تقوم بنفس الدور، دور الوسيط بين ما تدعمه من أعمال وبين العاملين في تلك الأعمال، بدلاً من البحث عن الأعمال العربية، والطريقة الأمثل لاستقطاب نجومها، أو بالأعمال المحلية وضرورة توظيف الدماء الشابة بها، في حين نست كبار السن من الممثلين، أصحاب الخبرة وذوي الحاجة للعمل، فأصبحت تصرف ملايين الريالات على أعمال لمنتجين معظمهم أبطال تلك الأعمال، مع فرض أسماء شابة من كتاب السيناريو والمخرجين أو حتى الممثلين، دون فرض شروط معينة تخص الأفكار والسيناريوهات وطبيعة الشخصيات اللازم تواجدها في تلك الأعمال، من أصحاب الأقدمية، والمخضرمين، والشباب، ما يضمن البقاء والاستمرارية للجميع. الاهتمام المفرط بالشباب ومشاهير السوشال ميديا وأصحاب الأرقام، وبعض النجوم الكبار دون غيرهم، أفقد الساحة عدلها، حتى أصبح البعض يملك كل شيء، «الكرامة والمال والشهرة والأضواء»، والبعض الآخر مُقعد إجباراً، بلا عمل أو أمان حياتي.. في انتظار من يناشد عودته. حمد المزيني .. تحول إلى بائع خردة وجنات رهبيني.. اضطرت الظروف إلى بائعة كبدة خالد سامي ما زال يعاني -شفاه الله- حمدان شلبي.. توفي في مادية سيئة عبدالله الصريخ وكأنه لم يثرِ الساحة الشعبية لأربعة عقود