قد لا يعرف كثيرون أن السائح السعودي مهم لكل الوجهات السياحية حول العالم، وأنه الأكثر إنفاقًا على السياحة مقارنة بغيره، فقد أنفق خلال الفترة ما بين عامي 2007 و2016 ما يقرب من نصف تريليون ريال، وقدرت المنظمات الدولية المعنية بالسياحة حجم الإنفاق السعودي بما يصل إلى 21 مليارًا في السنة، ويوجد أكثر من أربعة ملايين سائح سعودي يسافرون إلى الخارج مع أسرهم كل إجازة، وهؤلاء يصرفون على كل رحلة سياحية ما لا يقل عن ستة آلاف دولار في المتوسط، وهذا المعدل في الصرف يجعلهم في المرتبة الأولى بين سائحي العالم، متقدمين في ذلك على الصين الثانية وأميركا التي تأتي في المرتبة الثالثة. هذه الحقائق تؤكد أهمية السياحة للاقتصاد الوطني، والسياحة لم تغب عن حسابات صناع القرار السعودي، فقد ركزت رؤية 2030 عليها في معظم مشروعاتها، ومن الأمثلة، مشروع البحر الأحمر، الذي يعمل على وضع المملكة ضمن قائمة أفضل الوجهات البحرية، وهو يؤهل 50 جزيرة ومواقع على سواحل البحر الأحمر لتصبح منتجعات سياحية راقية، وبحيث توفر بديلًا منافسًا لجزر المالديف وموريشيوس، باعتبارهما الوجهتين الساحليتين اللتين يفضلهما معظم سائحي السعودية. إضافة لما سبق، تم تخصيص 240 مليار ريال لقطاع الترفيه خلال الفترة بين عامي 2018 و2030، ومن مخرجاته مشروع مواسم السعودية الموزع على مناطق المملكة، وتوافد السعوديون عليها بأعداد كبيرة وللمرة الأولى في تاريخ السياحة الداخلية، وتراجعت سياحة السعوديبن في دبي عن مركزها الأول لمصلحة سائحي الهند، علاوة على تراجع أعداد السياح إلى تركيا بنسبة 33 في المئة، والصحافة التركية كانت تفاخر بارتفاع أعداد السعوديين رغم التحذيرات، وانقلب سحرها عليها، وقد تراجعت السياحة الخارجية إجمالًا 40 في المئة. في المقابل كانت بعض الدول العربية تستفيد من المملكة كوجهة دينية، وتستغل شركاتها الترتيبات التي وضعتها لتنظيم العمرة، وهذه الشركات كانت تأخذ مبالغ تتجاوز 10 آلاف ريال عن كل تأشيرة، مع أن الممثليات السعودية تصدر تأشيرات العمرة بالمجان، ثم استحدثت تأشيرة السياحة السعودية بمبلغ 440 ريالاً شاملة التأمين الطبي والرسوم وبلا كفيل، وعالجت استغلال معاناة أصحاب المداخيل المحدودة من المسلمين الذين يرغبون في العمرة، وهذه التأشيرة متاحة لكل الجنسيات، والحصول عليها يكون بمراجعة الممثليات أو عن طريق التقديم الإلكتروني، ومدتها سنة متعددة الزيارات، وتسمح بدخول المملكة من كل منافذها وبأداء العمرة للمسلمين وبالتأشير للمرأة دون اشتراطات، وبمدد إقامة لا تزيد على 90 يومًا في كل زيارة، والمقيمون في الداخل يستطيعون الاستفادة من تأشيرة السياحة، لعدم تعارضها مع نظام الإقامة والعمل، وبإمكانهم السفر إلى بلدانهم خلال الإجازة الأسبوعية. المملكة تعمل على استراتيجية سياحية ضخمة، هدفها استقطاب مئة مليون سائح في 2030، وإيرادات السياحة السعودية بلغت 211 مليارًا في 2018 بعد أن كانت متوقفة عند 57 مليارًا في 2004، وجاءت المملكة في الترتيب 69 من أصل 140 دولة في مؤشر السياحة التنافسية لسنة 2019، وأعتقد أن ارتفاع أرقام السياحة الداخلية معلق بثلاثة أمور أساسية، الأول يخص مشكلات قطاع الإيواء السعودي وخصوماته، والثاني يهتم بمراجعة جادة لأسعار رحلات الطيران الداخلية المبالغ فيها، والثالث يعمل على وضع فوارق سعرية للسياح المواطنين تميزهم عن بقية السياح.