إنه لمن المؤسف كون الإنسان كائنًا اجتماعيًا يعتمد بدرجة كبيرة على الآخرين عظم أم قل هذا الاعتماد، ويتأثر بهم سلبًا كان الأثر أم إيجابًا. اختيار الشخص لأصدقائه والبيئة المحيطة به ليس بالأمر الهين بل لا ويجب عليه أن يكون كذلك. أحدثك هنا - عزيزي القارئ - عن عدد من الشخصيات قد يخفى عليك حجم أثرها السلبي على شخصك في المديين القصير والبعيد. حاول قدر استطاعتك أن تكون أنت المغير لهم، وإن لم تستطع فالهروب هو أنسب وسيلة للنجاة. ابتعد عن كل من لا يرفعك درجة ويبقيك كما أنت، واهرب عمن يهبط بك في أسفل سافلين. ابتعد عن ذاك الشخص الذي لا يرى إلا السوء في كل ما تفعل، والسوء على كل حال. ذاك الذي يبعث السلبية المقيتة فيه وفيمن حوله، من يقلل من كل نجاح، ويسخر من كل فشل، ويسفه كل حلم. هذا السلبي لا يهتم لأي أحد حتى نفسه، ولا يعنيه أعلا شأنك أم بقيت كما أنت؟ ابتعد كذلك عن ذلك الشخص صاحب الظن السيئ، ذلك الذي لا يرى إلا أسوأ الاحتمالات، فما الخير الذي تتوقعه من شخص لا يرى في أفعالك إلا السوء؟ ابتعد عمن لا طموح له فهو إن لم يصدر منه شر، يبقى متعدي الضرر ومرضه شديد العدوى. ابتعد عن الشخص الأناني الذي لا يعنيه إلا نفسه، الذي يعامل من حوله كأدوات له لتحقيق غاية يصبو لها ضاربًا عرض الحائط بجميع إراداتهم ورغباتهم، لا ترضَ أن تكون المجاملة دائمًا نهجًا لك واحصرها فيما لا يتعدى حدود اللباقة الاجتماعية، تجنب من لا يقبل النقد ومن لا ينقدك، فالإكثار من المجاملة لا يدع مجالًا للتطور وتجعل الشخص من ضمن الأخسرين أعمالًا الذين كانوا يظنون أنهم يحسنون صنعًا، تجنب الشخص كثير العتاب والملام، ذلك الذي يضطرك أن تتعامل معه بحذر، وأن تراعي في حديثك وفي ملامحك كي لا تجرح مشاعره أو تثير حساسيته المفرطة، الحساسية التي تحمل الأمور أكثر مما تطيق. ابحث عن الصديق الذي تخلع عند بابه رداء الحذر الذي ترتديه عادة لدى الآخرين، ابحث عن الصديق الذي لا تحتاج معه لأن تشرح نفسك أو تبرر أو تستدرك أو تتردد حين الحديث، عمن لا تحتاج أن تجامل أو تكذب لترضيه، عمن يقبلك كما أنت ويستفز في الوقت ذاته طموحك ويقومك إن كان هناك حاجة للتقويم، ليكون كل لقاء معه مثمرًا ومفيدًا. إن لم تجد مثل هؤلاء فالجأ لنفسك وقلل اعتمادك على الآخرين وتأثرك بهم، ضع لنفسك هدفًا وضع ذلك الهدف نصب عينيك، إن أعانك الآخرون فاقبل مساعدتهم بصدر رحب، وإن حاولوا أن يثنوك عن عزمك فدعهم لأنفسهم فأنت في غنى عنهم، وأنت أفضل حالًا من دونهم.