في روايته الجديدة الموسومة ب( فلامنكو: اعترافات هاربة) التي أصدرها عن مركز الأدب العربي وفي 240 صفحة، خاض الروائي والقاص محمد المزيني تجربة سردية جديدة تفلسف الواقع أكثر من كونها مادة خصبة لاستعراض التفاصيل الصغيرة للحياة، فهو يقرأ التداعيات والوقائع والأحداث على شخصياتها وبشكل مركز، اذ يقع محور النص على شخصيتين محوريتين وهما: الشاب رائد المعالج بالطاقة، وتغريد التي كانت رهينة الماضي البئيس، حيث وقعت ضحية للماضي المؤلم وسقطت روحها داخل ظلمته، وقبل أن تبلغ الحلم ألفت نفسها داخل صندوق أسود تحمله يغص بعقارب سامة، وحالما تخلصت من طفولتها، وآنست دفء شبابها، فاضت روحها بكل أوجاعها وآلامها، لم تنعتق منها حتى التقت برائد معالج الطاقة المعروف، الذي شرع بتطهير روحها من عوالق الماضي، وتحريرها بما أوتي من أسرار روحانية ودراية بالعلاج بالطاقة فما أن تماثلت للحياة بقلب صاف وروح نقية حتى آمنت به وتوطدت علاقتهما ليفضي بعضهما بالمسكوت عنه من تباريح الماضي الشائكة. أدرك رائد عمق معاناتها النفسية والروحية، وقد فجرت لديه أيضاً كوامن ماضيه وتجاربه المرة التي لم يبح بها لغيرها، فوجد كل منهما ما يكمله في الآخر، وامتزجت روحاهما، وفتحا بوابة الاعتراف على مصراعيها، فكانت وجوه الشبه بينهما كثيرة ليقررا السفر أو الهروب الذي لم يكن مبعثه الحاضر كحيلة لطي صفحة الماضي المنقوش على خارطة حياتهما عبر أحداث كثيرة مشوقة لتتفاجأ تغريد باختفاء رائد تكشف أحداث الرواية تفاصيل كثيرة عن حياة الغربة، وكيف تغلبت تغريد على وحدتها، وأين انتقلت عقب غياب رائد المفاجئ ثم ماذا حدث في المكان الذي لم تتخيل يوماً أنها ستصل إليه.