اشتدَّ الألم على اسميل ديشبود.. ضغط في الصدر، آلامٌ قوية، وأظهرت الأشعة خطرًا: لقد تمدد شريان لا يتجاوز قُطره 3 سم إلى عَرض علبة مشروب غازي، وهذا زاد احتمال التمزق، ولو كان هذا التضخّم في مكانٍ آخر لهان، لكن أهميته وقربه من القلب جعل العملية خطرة، فهو يغذي الجزء العلوي بالدم، ومن ذلك المخ، ولإصلاحه يجب إيقاف الدورة الدموية والقلب، وفي درجة حرارة الجسم العادية – ومع توقف الأكسجين – فهذا سيدمر المخ في 3 أو 4 دقائق، ما يعني الموت أو إعاقة دائمة. إنها حالة عجيبة ذكرها كتاب "الحدود القصوى Extremes" عن أقصى حالات البقاء التي يصل لها الإنسان. لا توجد خيارات سهلة هنا، لكن لو أراد اسميل أن يعيش فلا بد من عملية؛ لأنه يحمل قنبلة موقوتة في قلبه قد تنفجر في أي وقت، لكن هناك حل واحد الآن، عزم عليه الطبيب الخبير بمثل هذه الحالات: البرودة. سيبرّد الجسم إلى 18 درجة، ومن ثم يوقف القلب ثم تبدأ العملية. خضع لها اسميل، ولما أتت لحظة إيقاف القلب وأعضاء الجسم هب الطبيب والفريق يعملون بأقصى سرعتهم، لكن الآن لديهم وقت أكثر من العادة، فبسبب تبريد الجسم زادت الدقائق الأربع التي كانت كل الوقت المتاح للعملية إلى 45 دقيقة. أخذ يستأصل الجزء الفاسد من الشريان ويستبدل به جزءًا صناعيًا، والطبيب يسابق الزمن، فلا حركة كهربائية الآن في مخ اسميل، ولا يتنفس ولا نبض لديه؛ أي أنه من الناحية الحيوكيميائية والجسدية لا فرق بينه وبين جثة، ومن ينظر إليه فلن يتخيل أن هناك فعلًا فرصة لتنشيط هذا الجسم من جديد ليعود كما كان. بعد 32 دقيقة من العمل السريع القلِق، صار جسم اسميل جاهزًا أن يبدأ، فسخنوا جسمه، وانطلق القلب ينبض بحيوية وقوة ليضخ الدم للجسم المتعطش لأمواج الدم الجديدة للمرة الأولى من أكثر من نصف ساعة. في العناية المركزة في اليوم التالي ترى اسميل وهو واعٍ وبخير – رغم بعض الألم - بجانب زوجته الفَرِحة بعودته. أنت أعجوبة! هكذا يمكن أن يصل الجسد لحدود مدهشة، ويظل يتمسك بالبقاء.