شدد المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني الجمعة على وجوب اختيار رئيس الحكومة الجديدة «بعيداً عن أي تدخل خارجي»، في بلد يشهد احتجاجات تندد بالسلطة وبالنفوذ الإيراني في البلاد. وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله الشيخ عبدالمهدي الكربلائي «نأمل أن يتم اختيار رئيس الحكومة الجديدة وأعضائها ضمن المدة الدستورية ووفقاً لما يتطلع إليه المواطنون بعيداً عن أي تدخل خارجي». قدم رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي استقالته إلى البرلمان الأسبوع الماضي، تحت ضغط الشارع ودعوة المرجعية البرلمان إلى سحب الثقة من الحكومة. وتتكثّف المشاورات في بغداد بحثاً عن بديل من عبدالمهدي، على وقع مساع يخوضها حلف طهران-بيروت لإقناع القوى السياسية الشيعية والسنية بالسير بأحد المرشحين وسط استمرار أعمال العنف في جنوب البلاد، بحسب ما قال مصدر سياسي لوكالة فرانس برس الثلاثاء. وقال المصدر المقرب من دوائر القرار في العاصمة العراقية لوكالة فرانس برس إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني «موجود في بغداد للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات لخلافة عبدالمهدي». وأشار المصدر نفسه إلى أن «مسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني محمد كوثراني، يلعب أيضاً دوراً كبيراً في مسألة إقناع القوى السياسية من شيعة وسنة في هذا الاتجاه». وحتى قبل أن يعلن البرلمان الأحد موافقته رسمياً على استقالة عبدالمهدي وحكومته، بدأت الأحزاب السياسية اجتماعات و «لقاءات متواصلة» للبحث في المرحلة المقبلة. ولطالما نُظر إلى المرجعية على أنها صاحبة الكلمة الأخيرة في اختيار رئيس الحكومة، على غرار ما حصل حين تسمية عبدالمهدي في نهاية العام 2018، بعد الحصول على ضوء أخضر من السيستاني لخلافة حيدر العبادي. وبالتالي، فإن جزءاً من الشارع، يحمل المرجعية مسؤولية ذلك الخيار وما آلت إليه الأمور. ولذلك، أكدت المرجعية الجمعة أنها «ليست طرفاً في أي حديث بهذا الشأن ولا دور لها فيه بأيّ شكل من الأشكال». وعلى مقلب آخر، نزل آلاف من أنصار قوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل موالية لإيران الخميس إلى ساحة التحرير في بغداد، ما أثار قلقاً بين المتظاهرين. ولوح المتظاهرون الجدد بأعلام قوات الحشد الشعبي التي باتت تحمل صفة رسمية بعدما صارت جزءاً من القوات العراقية، فيما رفع آخرون صوراً للسيستاني. ولذلك، أكدت المرجعية في خطبة الجمعة في كربلاء أنها «لجميع العراقيين بلا اختلاف بين انتماءاتهم وتوجهاتهم (...) ولا ينبغي أن يستخدم عنوانها من قبل أي من المجاميع المشاركة في التظاهرات المطالبة بالإصلاح لئلا تحسب على جمعٍ دون جمع». إلى ذلك أعلن علي البياتي عضو مجلس المفوضية العليا المستقلة لحقوق الانسان في العراق الجمعة، إن إجمالي حصيلة الضحايا في المظاهرات الاحتجاجية التي يشهدها العراق منذ انطلاقها في الأول من شهر اكتوبر وحتى اليوم بلغت 460 قتيلا وأكثر من 20 ألف مصاب. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها البياتي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. ا). وأضاف أن «عدد المعتقلين بلغ 2650 معتقلا، أطلق سراح أغلبهم، غير أن مايقارب 160 آخرين مازالوا رهن الاعتقال». وأوضح البياتي «لدينا شكوى بمفقودين ومختطفين بحدود 23 شخصا أحيلوا جميعا للادعاء العام للتحقيق»، وتابع أن مسعفين اثنين قتلا، فيما يبلغ عدد المصابين من المسعفين 15. وبشأن وقوع حالات طعن بالسكاكين طالت عددا من المتظاهرين قال «إن موضوع الطعن باستهداف المتظاهرين مازال غير مؤكد رسميا بالنسبة لمفوضية حقوق الإنسان رغم وجود معلومات قوية حول ذلك» .