يمضي التحالف السعودي الإماراتي الضخم في استثمارات النفط والغاز في الهند بقوة وفق ما خطط له ضمن أهم المبادرات الاستراتيجية التي يقودها مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الداعم الأكبر لتحالف عملاقتي النفط والغاز في المنطقة شركة أرامكو السعودية وشركة أدنوك الإماراتية اللتين اتفقتا على الاستثمار في أضخم مشروع للتكرير والكيميائيات في الهند يشمل بناء مصفاة نفط عملاقة بطاقة استيعابية تبلغ 1.2 مليون برميل نفط في اليوم متكاملة مع مجمع حديث للبتروكيماويات بتكلفة تقديرية مبدئية تبلغ 70 مليار دولار، في وقت ستعمل الشركتان على تأمين توريد ما لا يقل عن 600 ألف برميل يوميًا من النفط الخام السعودي والإماراتي للسوق الهندي مع نسبة مرتفعة من التحويل للكيميائيات. وهذا المشروع العملاق يمثل رؤية البلدين لمستقبل أمن الطاقة في الهند البلد الأكثر استهلاكا للنفط والمنتجات البترولية في ظل الكثافة السكانية وتنامي حجم استهلاك الهند للنفط لأكثر من خمسة ملايين برميل يوميا كثالث أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم والسوق الأكثر جذباً لتجارة مشتقات النفط في وقت تستورد الهند في المتوسط 25 مليون برميل شهرياً من النفط الخام السعودي، وتسعى من خلال هذا المشروع لضمان إمدادات موثوقة ثابتة من النفط الخام من الشريكين العملاقين. ومن المقرر أن ينتج المشروع وقود النقل الموافق لأحدث المواصفات الفنية العالمية تشمل البنزين ووقود الطائرات، والديزل، إضافة إلى مجموعة من المنتجات الكيميائية التي تستهدف بشكل رئيس السوق المحلية الهندية المتوقع نموها بشكل مطرد في العقود المقبلة، مع إمكانية تصدير فائض المنتجات للأسواق العالمية. ويتوقع أن يبدأ البناء في 2020 والانتهاء من المشروع بحلول عام 2025. وتضع شركة أرامكو السعودية الهند ضمن أولويات محفظتها الاستثمارية العالمية في مجال التكرير والتسويق والكيميائيات في ظل ضخامة نمو أسواق الطاقة في الهند والذي يتطلب إمدادات الطاقة اللازمة من النفط الخام الذي يعتبر إحدى دعامات الشراكة الاقتصادية بين المملكة والهند، في حين سيظل النفط والغاز على المدى البعيد عنصرًا رئيسًا في مزيج الطاقة العالمي، وترى أرامكو أنه من المهم أن تكون تلك المصادر في متناول نسبة كبيرة من الشعب الهندي، خاصة وأن النفط والغاز تمثل مصادر تنافسية بشكلٍ أكبر مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة رغم التحسن النسبي في تكاليفها. ويشهد الاقتصاد الهندي نموا متسارعا والأعلى من نوعه في العالم بنسبة 7 % سنويًا بعد سلسلة إصلاحات غير مسبوقة جعلت من الاستثمار في الهند أضمن وأسهل من أي وقت مضى وتشير التوقعات اعتماد قطاع النقل في الهند بشكل كبير على النفط والغاز وسيشهد نموًا كبيرًا وأن نسبة امتلاك السيارات في الهند ستزداد بشكل لافت بما يعكس تحسن المعيشة في وقت لا يزال استهلاك أنواعٍ بدائية من الطاقة مثل حرق الخشب منتشرًا بشكلٍ كبير في الريف الهندي وأن الفرصة مواتية لإحلال ذلك بالمنتجات النفطية ومنتجات الغاز التي تعتبر أفضل بكثير من الناحية البيئية. وذهبت غالبية توقعات خبراء الاقتصاد العالمي بأن تستمر الهند خلال العشرين سنة القادمة في تحقيق مستويات نمو كبيرة، وأن يتضاعف اقتصادها من حيث الحجم ليشكل 15 % من الاقتصاد العالمي بحلول العام 2050م، مما سيجعله ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فضلًا عن أن الهند ستكون الدولة الأولى مستقبلًا من حيث تعداد السكان في العالم، بغالبية عمر الشباب، وهو ما يعطي الهند ثروة بشرية هائلة تتطلب طاقة أمنة مستدامة.