يخوض موقع مجمع شركة أرامكو السعودية للتكرير والكيميائيات المرتقب بالهند المقدرة تكلفته حوالي 156 مليار ريال (44 مليار دولار) مراحل شد وجذب من قبل المزارعين وملاك الأراضي في المنطقة السابقة التي كانت مقترحة للمجمع في «نانار» في مقاطعة ماهاراشترا، والذين كانت احتجاجاتهم برفض تسليم أراضيهم بحجة أن المشروع من المحتمل أن يلحق الضرر البيئي بالمنطقة الشهيرة بمانجو «ألفونسو» ومزارع الكاجو ومستعمرات الصيد، وبسبب تلك الاحتجاجات علقت حكومة الهند إجراءات الاستحواذ على الأراضي في «نانار» لتعلن نقل المجمع لمنطقة «ريجاد». ومع ذلك عاود المحتجون في المنطقة المقترحة الأولى بعد صرف النظر عنها للاحتجاج مجدداً ضد نقل المشروع معلنين تقديم أراضيهم التي رفضوا تسليمها مسبقاً، في حين أن المشروع المقترح يمكن أن يوفر 100 ألف وظيفة خلال فترة الخمس سنوات عندما يكون مجمع التكرير والبتروكيميائيات قيد الإنشاء، إلا أنه يمكن أن يوفر 20 ألف وظيفة دائمة بمجرد بدء تشغيل المجمع، وتحرص حوالي 1000 أسرة، وتمتلك 7000 فدان من الأراضي في موقع المجمع السابق، على بيع أراضيها لمصفاة تكرير النفط المخطط لها. إلا أن تلك الاحتجاجات تبدو واهنة بعد أن حسمت الحكومة الهندية اختيار الموقع الجديد والبدء بإجراءات الحصول على أراضي من 40 قرية في منطقة «ريجاد» لمصفاة التكرير وسلاسل الإمدادات، ويتوقع أن يبدأ البناء في 2020 والانتهاء من المشروع بحلول عام 2025، ومن المخطط أن تعالج المصفاة 1.2 مليون برميل من النفط الخام في اليوم، إضافة إلى المشروع البتروكيميائي المتكامل. ويمثل هذا المشروع العملاق استراتيجية كبرى للهند كونه يضم تحالف ثلاث دول تتألف من اتحاد ثلاث شركات هندية حكومية بحصة 50 %، وشركتي أرامكو السعودية، وأدنوك الإماراتية بالحصص المتبقية بالتساوي، ويمتاز الموقع الجديد على بعد حوالي 100 كم جنوب مومباي العاصمة المالية للهند، في الوقت الذي تسعى الهند لضمان إمدادات موثوقة ثابتة من النفط الخام من الشريكين العملاقين في المشروع المملكة والإمارات واللتين أيضاً تسعيان لضمان مشترين منتظمين للنفط الخام في الهند البلد الأكثر استخداماً واعتماداً على الطاقة حيث يتركز معظم الطلب على صناعات المصب للتكرير والكيميائيات في الهند لضخامة الاستهلاك المرتبط بضخامة القوى البشرية. في وقت يشهد الاقتصاد الهندي نمو متسارعاً والأعلى من نوعه في العالم بنسبة 7 % سنويًا بعد سلسلة إصلاحات غير مسبوقة جعلت من الاستثمار في الهند أضمن وأسهل من أي وقت مضى في ظل تنامى حجم استهلاك الهند للنفط لأكثر من خمسة ملايين برميل يومياً كثالث أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم والسوق الأكثر جذباً لتجارة مشتقات النفط، في وقت تستورد الهند في المتوسط 25 مليون برميل شهرياً من النفط الخام السعودي. وتشير التوقعات أن تستمر الهند خلال العشرين سنة القادمة في تحقيق مستويات نمو كبيرة، وأن يتضاعف اقتصادها من حيث الحجم ليشكل 15 % من الاقتصاد العالمي بحلول العام 2050م، مما سيجعله ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فضلًا عن أن الهند ستكون الدولة الأولى مستقبلًا من حيث عدد السكان في العالم، أغلبهم فئات الشباب، وهو ما يعطي الهند ثروة بشرية هائلة وتحسن في مستويات المعيشة لمئات الملايين من البشر. وتشكل السوق الهندية بالنسبة لأرامكو أولوية استثمارية ضمن محفظتها العالمية في مجال التكرير والتسويق والكيميائيات في ظل ضخامة نمو أسواق الطاقة في الهند والذي يتطلب إمدادات الطاقة اللازمة من النفط الخام الذي يعتبر إحدى دعامات الشراكة الاقتصادية بين المملكة والهند، في حين سيظل النفط والغاز على المدى البعيد عنصرًا رئيسًا في مزيج الطاقة العالمي، وترى أرامكو أنه من المهم أن تكون تلك المصادر في متناول نسبة كبيرة من الشعب الهندي، خاصة وأن النفط والغاز تمثل مصادر تنافسية بشكلٍ أكبر مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة رغم التحسن النسبي في تكاليفها. وتشير التوقعات اعتماد قطاع النقل في الهند بشكل كبير على النفط والغاز وسيشهد نموًا كبيرًا وأن نسبة امتلاك السيارات في الهند ستزداد بشكل لافت بما يعكس تحسن المعيشة في وقت لا يزال استهلاك أنواعٍ بدائية من الطاقة مثل حرق الخشب منتشرًا بشكلٍ كبير في الريف الهندي وأن الفرصة مواتية لإحلال ذلك بالمنتجات النفطية ومنتجات الغاز التي تعتبر أفضل بكثير من الناحية البيئية. جانب من توقيع اتفاقية التحالف السعودي الإماراتي الهندي