في أواخر شهر مارس 2013 م لم يكن عاديًا، وبعد اختتام المشاركة الشِّعريَّة في مهرجان النُّور الثقافي السنوي السابع للإبداع والمحبة بالتعاون مع نقابة الصحفيين العراقيين ودائرة السينما والمسرح في المسرح الوطني في بغداد بالعراق العريق يمَّمتُ وِجهتي شِطر المغرب العربيِّ؛ حيث فاس ثاني أكبر مدن المغرب. تجاوبًا ودعوة دارة الشِّعر المغربيِّ لمهرجان فاس الرابع للإبداع الشعري بالتعاون مع المديرية الجهوية للثقافة ومجلس مقاطعة جنان الورد لإلقاء ما تبقى في حقيبة أشعاري التي تأبَّطتها في بغداد وأنثرُ ما فيها من تقاطيع استشعاريَّة إن صحَّت تسميتها على الجمهور المغربي، الذي تعتَّقَ بعبق الوفاء للشَّغف المطالعاتي لأدب المرأة العربية؛ حيث احتفاؤهم بالمرأة الشَّاعرة؛ والأنثى المثقفة؛ والنِّساء الأديبات من أقطار الوطن العربي ودورة الشاعرة المغربية أمينة المريني التي لم يسبق أن قرأت عنها أو عرفتها قبل أن أصفِّقَ بحرارةٍ لها وهي تتسلم درعها التكريمية من مديرة المهرجان الشاعرة الفاسيَّة فاطمة أبو هرَّاكة، وتنفُثُ سِحرَ أشعارها لتلجمنا صمتًا وتحرِّكنا رغبةً في استفاقة الحرف من بين شَفاهِ المُبدعين! كان انتظاري في طائرة الخطوط القطرية، التي أناخت وقفتها في مطار قرطاج الدولي في تونس الخضراء كي نكمل مسارنا لمدينة كازا بلانكا مزيجًا متضاربًا من التَّوجُّس المشبوب بالقلق مما لامس أسماعي عن المغرب وسِحره وافتتان رجال الخليج بساحراته وغربال السعوديات بالعاشقات المغربيات المتوصِّدات أزواجهن خلسةً وتفنانًا! جمال المدرِّج الإسمنتيِّ للمطار المفروش بالخَضار السَّماويِّ وألوان الزُّهُور التي صافحت عين حقيقتي وأغرت شيطان شِعري وأثارته حِسًا تعبيريًا أرغدا قطع هواجس تفكُّري ما إن اقتربتُ من نافذة الطائرة وصار يُشبرقني كيما أشخبِطُ في منديل الضيافة بالحبر الأزرق، وأبقِّعُ رؤوس أصابعي ببقاياه التي تعمَّدتُ إخفاءها وسلامي على شاعر المغرب الأكبر محمد علي الرَّبَّاوي الذي أتحفني بطِيب العمالقة واستقبلني في مطار محمد الخامس في الدار البيضاء، ونقلني عبر القطار على مدينة المهرجان فاس لتصطفَّ العبارات في أسراب وحيٍ مُفتَتَن بدهشةِ الإعجاز: ولقد مَرَرْتُكِ بَغتة الولهانِ والزَّهوُ شَدَّ مَجامِعَ التَّبيانِ دِيَمُ الصَّفَاءِ تَراقَصَتْ مَزْهُوّةً تَشتاقُ لَثْمَ جمالِكِ الفَتَّانِ يا تُونُسَ الخضراءَ جِئتُكِ هَازِجًا أشْدو القَريضَ بِحُلَّة ِ التَّحْنانِ مَرَّغْتُ قلبًا مُتْعبا ً يشكُو الصَّدى مِنْ عَذبِ حُسْنِ بَهائِكِ المُزْدَانِ واصطفَّتِ الأشواقُ حولَ مرابِعي تتلُو السَّعَادةَ غَاية َ الإنسَان ِ ! يا دهشةَ الخلْقِ المُصَنَّعِ عُجبةً وعجائِبَ التَّكوينِ والإمكانِ قَرْطَاجُ كانتْ والمكانُ تكوُّنٌ والكائِنُ المكنونُ كَوَّنَ كانِي ! لُغْزٌ تَفَرَّدَ في الطَّبِيعةِ هازِئًا بِنباهَةِ الفَنَّانِ ذي الاتقانِ اللُّغزُ ما لُغْزٌ سِوَاهَا تُونُسٍ كيفَ السَّبيلُ لِسِحرِهَا الفَتَّانِ ؟! كانت رفقة العلاَّمة الرَّبَّاوي لساعاتٍ تتسابقُ وومضاتِ انتقاءاته للجمُل والحكاوي القطاراتية الفضل الأمثل في كسر حواجز القلق، التي كانت تحيطني كلَّما تذكَّرتُ أنَّني في مغرب السِّحار وبيني وبين أمِّي مسافات أمكنة تزيدني أوجاسًا موجَّسة، وتُوقع بي في مغبَّة الإصرار على أن أعرض عليهم بضاعتي المُزجاة وأعود حيث أتيت! ولإلقاء الشِّعر على وقع المعازف وموسيقا التكاوين الشُّعُوريَة وأغصان الأزهار النَّادية وروائح الياسمين وتباري الفِتيان ويوافع الفاسيين على لقب شاعر الورد أيام المهرجان المُتعة الصَّانِعة الإلهام في توثيق الصور الذهنية للحدث والباقِية للبصمة التي تأبى أن تُشوهها الظروف! وما ديمومة الصداقة الودِّيَّة وفريق المهرجان عبر الزمن إلاَّ إشارة بارقة تظل تومض في جبين العلاقات الآدمية الفكرية التي مربطها منشؤها الحرف وبعثها الوُدُّ ونشرها الصِّدقُ ومَعادُها الوفاء! يتبع اعتدال ذكرالله برفقة عدد من ضيوف المهرجان الشاعرة ومشاركة شعرية خلال اللقاء