من المقرر نظاماً سلامة الصكوك الصادرة من الجهات الرسمية وصحة الملكية لما تضمنته وعدم الطعن فيها، وبما أن ما يُشار إليه من ملحوظات حيال إصدار الصكوك لا ترتقي للقدر الكافي للنيل من صحتها وسلامتها ولو كان لها اعتبار ما صارت إليهم الأراضي وتناقلتها الأيدي، ولأن من بيدهم الصكوك لم يكن لهم أي دور فيما يُذكر من ملحوظات مما لا يتوجه شرعاً تحميلهم تبعات تجاوزات الغير إن وجدت لقوله تعالى: (ولا تزرُ وازرة وزر أخرى) وبما أن من آلت إليهم تلك الصكوك يدهم عليها يد محقة لأيلولتها لهم بطريق الشراء الشرعي بما بذلوا من أموالهم دون تعد منهم أو تجاوز أو تفريط، ولما تقتضي به التعاليم الشرعية من تحريم الإضرار بالمسلم، ولما سيترتب على إبطال الصكوك أو إيقافها من آثار سلبية تتمثل بما سينشأ عن ذلك من دعاوى ومطالبات برجوع كل مشترٍ على من باعه مع ما يصاحب ذلك من بذل للمال والجهد والوقت تأبى سماحة تعاليم هذا الدين الحنيف حصولها أو التسبب فيها ولأن المفرط أولى بالخسارة ولما يتعين على المسؤول والقاضي حال قضائه من النظر في العواقب والمآلات ومراعاتها ولما جاء في المادة الثامنة عشرة من النظام الأساسي للحكم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 90 وتاريخ 1412/8/27 ه، (تكفل الدولة حرية الملكية الخاصة وحرمتها ولا ينزع من أحد ملكه إلا للمصلحة العامة على أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً) ومن القواعد الفقهية المعتبرة وهي أيضاً مبدأ قضائي محكم (من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه) كذلك مبدأ (مسؤولية جهة الإدارة) وهو من المبادئ الشرعية والنظامية التي قررتها لجنة القضايا بالديوان الملكي وهذا يُلزم وزارة العدل بتحمل الآثار المتربة عن إيقاف أو إلغاء الصكوك، كذلك ما قررته المحكمة العليا بالإجماع أن التعويض عن خطأ القاضي في عمله تتحمله الدولة (قرار رقم 15/ م ) وتاريخ 8 / 11 / 1435ه، ونهج هذه الدولة المباركة ممثلاً في ولاة أمرها - حفظهم الله - بمراعاة مصالح المواطنين وحفظ حقوقهم واحترام ملكياتهم ومنع الإضرار بهم. ويترتب على إيقاف وإلغاء الصكوك الكثير من الآثار السلبية سواء اقتصادية أو أمنية أو اجتماعية، وتعميقاً للثقة فيما يصدر من أوراق شرعية تخص الملكيات من أجهزة الدولة، ولما لهذا الأمر من أثر كبير على مجتمعنا واقتصادنا وأمننا، سأذكر بعض الحلول والاقتراحات التي ستساهم بالقضاء على ظاهرة إيقاف وإلغاء الصكوك ومنها: صدور أمر سامٍ بتحصين الملكيات التي انتقلت من مالكها الأول ويؤسس هذا الأمر السامي إلى أن إيقاف صكوكهم أو إلغائها ليس حلا، نقل اختصاص إيقاف وإلغاء الصكوك من وزارة العدل إلى مراكز تحكيم تكون تحت مظلة الهيئة العامة للعقار وبمشاركة اللجان الوطنية والعقارية وتمنح الصلاحيات اللازمة لمعالجتها وإنهاء الإشكاليات، حصر الصكوك الموقفة والملغاة ووضع خطة مُعلنة للعمل والمدة المحددة لمعالجتها، القضاء على هذه الظاهرة من خلال دراسة أسباب نشوئها ومعالجتها، وتفعيل نظام التسجيل العيني كما يجب، في حال ثبوت استخراج الصك بطرق غير نظامية يتم مطالبة المالك الأول للصك أو ورثته بالمبالغ التي قبضوها مقابل بيعهم للصك وإيداعها خزينة الدولة وفي حال عدم تصرفهم بالصك يتم إلغاء الصك، إذا كانت الصكوك التي انتقلت من مالكها الأول تقع داخل مواقع محظور فيها التملك مثل: حدود الحرمين أو حرم البحر أو مناطق التعدين والامتياز أو متداخلة مع عقارات الدولة التي عليها صكوك أو مع الملكيات الخاصة الثابتة للغير فيعوض مُلاكها بأراض بديلة بالتنسيق مع أمانات منشأ كل صك والهيئة العامة للعقار، ويكون ذلك ضمن جدول زمني محدد.