كعادة الرياض، في تألقها السياسي ورصانتها الدبلوماسية وقوتها الناعمة، تمكنت وببراعتها المعهودة من صناعة اتفاق تاريخي مهم بين الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، والمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، تمكنت من خلاله من خلق منصة يمنية وطنية لتوحيد الرؤى والجهود الشرعية ضد قوى وميليشيا الانقلاب في صنعاء، ولا سيما أن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، كان وما زال الداعم الأساسي لاستقرار الأرض اليمنية وصيانتها من التدخلات الإيرانية وعبثها في المنطقة العربية. أهمية هذا الاتفاق التاريخي تكمن في طي ورقة الخلافات البينية بين القوى الشرعية لليمن، وتوحيد الجهود العسكرية والأمنية والرؤى الفكرية في تحرير بقية الجغرافيا المحتلة من براثن الانقلابيين الحوثيين، وهو الهدف الأسمى للشعب اليمني على اختلاف توجهاته ومرجعياته الاجتماعية والسياسية، كما أنه الهدف الأول للتحالف العربي، ولا سيما أن الفرصة مواتية للشرعية اليمنية الآن في ظل الهزائم والنكسات المتكررة لوكلاء طهران في العراق وسورية ولبنان، وفي ظل ما يعانيه النظام الإيراني من أزمات اقتصادية خانقة واحتجاجات شعبية أبعدته كثيرًا عن دعم وكلائه الحوثيين في صنعاء!!. وهنا لا بد من الإشادة ببنيوية اتفاق الرياض التاريخي، كصيغة عادلة وشاملة تلبي احتياجات ومطالب القوى الشرعية في الشمال والجنوب، بما يتلاءم مع تطلعات وآمال الشعب اليمني وأحلامه في بناء مستقبله، وقد جاءت صيغة الاتفاق التاريخي كنص سياسي يلزم بتشكيل حكومة كفاءات جديدة تضم أربعة وعشرين وزارة، تتكون إدارتها بمعادلة المناصفة التامة بين الشمال والجنوب، إضافة إلى إلزام الحكومة بدفع مرتبات الموظفين المتعثرة (المدنيين والعسكريين) في كل مناطق الجنوب، وبهذه الصيغة الحكيمة والعادلة يطوى سجل مأساوي طالما أقلق اليمنيين بتعقيداته الشائكة، وأثار مخاوفهم حول مصير أمنهم ومستقبلهم. وأخيراً.. لا شك أن اليمنيين وبقية العرب، قد لاحظوا مشاعر العويل والنحيب وهي توشح بالخزي مذيعي قناة الجزيرة وتوابعها الإعلامية عقب الإعلان التاريخي عن اتفاق الرياض بين قوى الشرعية اليمنية، بعد أن كانت برامجها المضللة تبث ادعاءات ملفقة تتباين بشدة مع واقع المسودة الحقيقية، بل تنشر صيغًا مفبركة وخادعة عن اتفاق موهوم، وبما يخدم أجندتها الموكولة إليها من طهران وأنقرة!!، ولكننا نعود ونقول إن هذا ما تعودناه كعرب من هذه القناة الموبوءة بنشر الرذيلة، وخلق الفتنة، وإضرامها في البلاد العربية!!.