لطالما راودتني شكوك عن أهمية البقعة التي أحتلها من العالم، لطالما سخفت من الأحداث التي تحتل جزءًا رئيسيًا من حياتي، أعني كم من إنس ذاقها قبلي، أعني ما الذي ستحدثه في هذا الكون الواسع من تغييرات، أعني أن ليست ثمة علاقة واحدة، قوية كانت أو هشة، مربكة أم صامدة، قريبة أم بعيدة تربطني بمشرق الشمس من مخدعها أو بهبوط القمر في منتصف جبين سماء فضية أو بوح هامس يتشاركه نوءان غافيان على صفحةٍ ليلية. من أنت؟ ماذا أحدثت في العالم من تغيير؟، بل ماهية الأثر العظيم الذي تركته في الدائرة القريبة منك، أتراك مسست الوتر السحري في مفترق طريق أحدهم؟ أتراك بدلت مسارًا خفيًا في حياة عابر؟ أتراك مسست جبين طفل عراه الفقر وأحوجه الجوع وطمأنته أن لا بأس؟، أتراك خلفت وراءك شذرات خير يمدك من بعد حياتك حياة؟ لكي تكون مؤثرًا لا يجب عليك أن تتدخل في أحداث كونية، ليس يتطلب الأمر قوى خارقة أو تعويذة سحرية أو صبح ينبلج فتهتف أن ها هو ذا يومي الموعود.. أن تغير ببساطة يعني «أن تتغير»، للأفضل، لما تراه الأحسن لك في حياتك، في عملك، بين أهلك، بينك وبين الشريك الذي تقطف له من عمرك. لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، قد يعني بحثك عن الأفضل في روحك، قد يعني تقويم إعوجاج قلبك، قد يعني جهادك النفس وتغليبك الفطنة وحب العمل والفؤاد السليم فوق شهوتها، قد يعني ذلك أنك تغير أمة بأكملها، ليس نفسك فحسب. من أنت؟ أنت إنسان، نقطة في سلم البشرية، درجة لابد من عبورها، زاوية يحتم الانعطاف عليها، أنت روح أوجدها البارئ وأوجد لها محلها على ظهر هذه البسيطة، فكن لنفسك، حتى تكون لغيرك.