نستيقظ كل صباح، وستون ألف فكرة تتراقص فوق رؤوسنا، ولا ندري أي منها ستصنع بداية يومنا. هناك حكمة في الفلسفة الهندية تقول: أنت اليوم حيث أتت أفكارك، وستكون غدا حيث تأخذك أفكارك. كيف لك أن تتخيل للحظة الشلل الذي نضع أنفسنا فيه.. والخروج الذي نفتعله من دوامة الزمن، عندما نشعر أن عقولنا مجرد علبة بلاستيكية فارغة، عندما نقتل أفكارنا في عتمة المشكلات التى تحدث لنا حتى في اتفهها؟ أنا لا أنكر تلك الثغور الصغيرة التي تؤدي بنا إلى ذلك الشعور البغيض، وكأنك شربت لترين من الليمون الحامض! حيث نجد أنفسنا دائماً أو غالباً مهرولين ومستعجلين في إنهاء المهام التي تطرأ لنا نسعى بلا هوادة حتى نغرق بشكل تدريجي لنجد أفكارنا تائهة بعرض الصحراء الكبرى، بل وباتساعها وبسرابها وقحالتها ورمالها الهوجاء. هدّئ من روعك قليلاً.. ليست مهمتك السبّاح المُنقذ الذي ينتشل الأشياء الغارِقة. احتضن أفكارك واجعلها عائمة في داخلك بلا مسميات، لأن مقاومتها مُتعبة بكلّ أشكالها. يعني.. إن كنت تنظر للبومة أنها مصدر شؤم، فغيرك يرى النملة مصدر عزيمة وقوة مقارنة بحجمها. فليس هناك غرابة سوى أفكارنا في النظر للأشياء، والبومة هناك ليست كائنا فضائيا هذه أفكارك المتشائمة السوداوية التي تظهر أعراضها بنهم تفكيرك السلبي المستمر، تظهرُ جليّة عليها ومعها تغوصُ في اللاشيء، ثم تطفو مُجددا لتلتقط أنفاسها، ثم تعود من جديد لتغرق معها في نفس النقطة. كن مرموقاً بما في داخلك.. وإلا سوف تفقد سيطرتكَ على نفسك، فنحن بحاجة إلى شهيق يدخل أجسادنا يخرج مع زفيره كل ما يؤذيه..! «الفكرة» يا عزيزي أنت عنوانها، لأنها عبارة عن تنظير لواقعك.. راقبها.. لأنها ستتحول إلى كلمات، ثم أفعال تترسب في نفسك لتكون عادات تلازم شخصيتك، وتحدد مصيرك إلى الأبد.