برّان.. واحدة من أجمل القرى الأثرية بمنطقة الباحة، تضاف إلى مجموعة القرى الأثرية بالمنطقة الجنوبية، التي تميزت بتناسق ونمط معماري فريد، ما يعكس دقة هندسية وذائقة معمارية رفيعة، سادت هنا في حقبة من حقب الزمن الماضي كتلك التي في رجال ألمع وذي عين. وقرية برّان عبارة عن مجموعة من المنازل المتراصة، يعلوها ويحيط بها من جهتيها الجنوبية والغربية مدرجات زراعية ومساطب كثيرة جدا وبئر واسعة تقع في شعيب جنوب شرق القرية. بنيت القرية من الحجارة الخالصة على إحدى القمم الجبلية المنحدرة بين سراة الباحة وتهامة، وقد تميزت مباني القرية بفن جميل وغريب ليس له مثيل إلا في يافع اليمنية، وهي الأحزمة المتوازية الملونة التي تحاط بالمباني على مسافات محددة لتضفي على نمط العمارة الحجرية قيمة فنية رائعة. وبرّان في التاريخ: معبد بلقيس باليمن. يقول الرحالة النمساوي «إدوارد جلازر»: «إن عرش بلقيس الشهير هو معبد (برّان) الذي حُفر على أحد أعمدته أول نقش سبئي». ومعلوم أن نفوذ مملكة بلقيس امتد ليشمل كامل الجزيرة العربية وبلاد الهند والأناضول والعراق والشام، بل امتد إلى الصين. ويقول محمد حسين فرح في كتابه «الجديد في تاريخ وحضارة سبأ وحمير» المجلد الأول ص 299 عن شمولية حكم بلقيس: إن نفوذها وصل إلى أداني الشام وتخوم بابل. كما تطرق إلى مسيرها إلى بلاد فارس والعراق وبلاد الترك، وقال ص 304 وكان ذلك في إطار تكوين وزيارة المستوطنات التجارية لسبأ وحلفائها الآراميين الذين هم في الأصل من اليمن. وقد دلت الدراسات على أن مدينة «أضنة» من عواصم الآراميين في بلاد الأناضول «تركيا حاليًا». ويوجد في جنوبتركيا قرب الحدود السورية موقع اسمه «تل بلقيس»، كان موقعًا مقدسًا في العصور القديمة. ويقول فرح أيضًا: «لقد ذكر بعض المؤرخين العرب الأوائل أن بلقيس ملكت أرض بابل ونهاوند إلى أرض الصين». وهذا ما يؤكد أن هذه العمارة الفريدة في الباحة هي امتداد للعمارة السبئية المعروفة آنذاك.