في معرضها التشكيلي الشخصي الثامن عشر، وفِي رحلة فنية طويلة، تثبت التشكيلية تغريد البقشي مرة بعد أخرى، أصالتها وتفرد أسلوبها الفني، فهي تحلق بعيدًا عن تجارب الفنانات والفنانين السعوديين، بما تمتلكه من شغف وروح محلقة تنعكس على لوحاتها، وتخلق تميزها من حيث الأسلوب، إلى درجة أن أسلوبها يمثل توقيعًا وبصمة لها، فضلًا عن موضوعاتها التي تفاجئ بها جمهورها الفني، الذي يعشق أسلوبها، وخطوطها وألوانها، فهي لا تكتفي بجماليات لوحتها فحسب، وإنما تسعى لأن تكون صوتًا قويًا للمرأة السعودية، فالتاريخ يحتفظ لها بأول معرض يناشد بقيادة المرأة للسيارة، قبل صدور الأمر الملكي الكريم، ومن جاء بعدها، وبعد انتهاء هذه الموضوع التي شغل المجتمع لعقود، وتحوله إلى أمر واقع، جاءت فنانات أخريات للحاق بخطى البقشي المبادرة والمبتكرة. في تلك الخطوة المغامرة، حيث جاء هذا المعرض بعنوان «لست أراك، أعيشك» الذي سينطلق الأربعاء المقبل ويستمر حتى الثلاثين منه، في جاليري نايلا بمدينة الرياض، تستكمل الفنانة تغريد البقشي رحلتها نحو الجمال، والإحساس المرهف بالفقد/ الحضور، من خلال أكثر من تسعين لوحة واسكتش، قدمت فيها مشاعرها الباذخة، الممثلة في حضور الأب الذي يحتوي العائلة، وفي الحب والورد، وفي عيون الأحساء ونخيلها ونساءها، في كل ما يحيط بها من عناصر، فهي فنانة مدهشة تلتقط الإبداع بعين مدربة على اصطياد اللحظة والجمال، حتى جذوع الشجر استطاعت أن ترسم فيها رؤيتها المختلفة للحب، للشوق، لصنع الدهشة مرةً بعد أخرى.في معرضها الجديد الذي تستقبل فيه زوارها ومقتني أعمالها بثلاثة جذوع شجر بطول قامة الإنسان، رسمت فوقها ثلاث قصص حب قديمة معروفة: قيس وليلى، جميل وبثينة، وعنترة وعبلة، لتؤكد تلك العلاقة الحميمة بين الإنسان والأرض، وتضع ضيوفها مباشرة أمام نمو العلاقات الإنسانية وقصص الحب النبيلة، ثم تصعد بهم إلى لوحاتها الرئيسة، وتطوف بهم بين أكثر من خمسين لوحة صغيرة مرسومة بتلقائية وإدهاش، بعضها بلون الزعفران، كي تقول لجمهورها أنها ممتزجة تماما بالطبيعة، فهي ابنة الأحساء التي فتحت عينيها وقلبها وروحها على النخيل والنساء والشجر.