في يوليو 1997م رغب البرلمان الأسكتلندي في إنشاء مبنى جديد، فلما سألوا الخبراء توقعوا أن يكلف ذلك 40 مليون جنيه إسترليني، فأقروا الميزانية وبُدئ البناء، وبعد سنتين وصلت الميزانية إلى 109 ملايين على دهشة وانزعاج الحكومة، وبعد سنة أخرى اتخذ المشرّعون قراراً حازماً فوضعوا حداً للميزانية وهو 195 مليوناً، ولم ينفع ذلك، فأخذت التكاليف تزيد، وطالبوا المسؤولين عن البناء بتقدير نهائي للتكلفة فقالوا: 241 مليوناً، آخر حد. انتهى البناء العام 2004م بتكلفة 431 مليون جنيه إسترليني! هذه تسمى مغالطة التخطيط كما يذكر العالم دانيل كانمان، وتحدث إذا كنتَ داخل المشروع منشغلاً به غارقاً في تفاصيله حالماً بنجاحه، فلديك النظرة الداخلية المحدودة والتي تُعميك عن القصص الحقيقية لأناس طبقوا مثل هذا المشروع، وهذه المغالطة شديدة الانتشار وحتى أكبر منظمات العالم لا تَسلَم منها، فعندما تشتري وزارة الدفاع الأميركية معدات فإنها تصل متأخرة وبزيادة على التكاليف الأصلية المتوقعة، وهذا لا يحدث أحياناً بل - حسب إحصائية - بنسبة 99 %! دراسة أميركية وجدت أن من غيروا ديكور مطابخهم توقعوا التكلفة 18658 دولاراً، لكنها فعلياً تجاوزت 38000 دولار، حتى إن المقاولين والمتعهدين (مثل متعهدي تجديد المطابخ وغيرهم) يعترفون أنهم يحصلون على أكثر أرباحهم من الزيادات التي تفوق المبلغ الأصلي المتفق عليه. هل هناك طريقة ننجو بها من هذه المغالطة المكلفة؟ نعم، كما يقول كانمان: الحل المجرب هو أن تحصل على رأي خارجي. إذا أخذت رأياً من مجربين وخبراء لا علاقة لهم بمشروعك تصير رؤيتك أقرب للواقع، والإحصائيات هي صديقك الحميم الذي لن يخذلك. خبير التخطيط الدنماركي بيرت فلايبيرغ يقترح تطبيق الخطوات التالية لكيلا تقع ضحية لتلك المغالطة: 1) حدد مجالاً معيناً (تجديد مطبخ، مشروع تجاري،.. إلخ). 2) احصل على إحصائيات عن هذا المجال من ناحية التكلفة لكل مرحلة من مراحل المشروع أو النسبة التي تتجاوز فيها التكاليف الميزانية، واعتمد على الإحصائيات لتضع تقديراً تبدأ منه. 3) استخدم معلومات معينة عن حالتك لتعديل التقدير المبدئي ولتعرف إذا كانت هناك أسباب محددة قد تقوي هذه المغالطة.