في الوقت الذي استطاعت فيه المجموعات الجماعية أو العائلية أو مجموعات العمل عبر مواقع التواصل الإلكتروني سواء من خلال برامج «واتساب» أو «تويتر» أو أي منصة إلكترونية أخرى أن تخلق مساحة من النقاشات العامة التي تثري أي مجال يمكن أن تتناوله، عدا عن كونها المنصة الأسرع في نقل الأخبار والتي يتسنى لها عبر الأعضاء المشاركين والذين يصلون أحياناً إلى المئات في القروب الواحد أن تنتشر بسرعة البرق، إلاّ أنه - مع الأسف - تحدث الكثير من التجاوزات في تلك المجموعات والتي تفتح المجال لأعضائها بأن يتبادلوا الشجار المباشر والتعليقات السلبية بشكل يعرضهم للمساءلة القانونية في حال تصاعد في دردشات "الواتساب" الجماعية هناك من يشعر بإساءة موجهة له فيلجأ إلى نظام الجرائم الإلكترونية الخلاف ووصل إلى السب وتبادل الشتائم بشكل لا يليق بتلك المجموعات، فيلجأ المتضرر للقضاء لاسيما في وقت أصبح الفرد فيه يعرف حقوقه القانونية وما يمكن أن يكون معه أو ضده، فنظام الجرائم المعلوماتية واضح وصريح ومحدد في العقوبات التي تصدر بحق من يثبت اعتداءه على الآخر، مما سبب الكثير من الضبط عبر تلك القنوات التي يعلم مرتاديها بأنهم في حال المخالفة قد يجرمون على ما يقولون ويكتبون في حال ثبتت الإساءة، إلاّ أنه وعلى الرغم من الإيجابية في العقوبات الصادرة بحق المعتدين بالقول عبر تلك القنوات والتي أصبح يكفلها النظام والقضاء، ولكن هناك في المقابل من أساء استخدام مثل هذا الحق في محاولة رفع القضايا على البعض في تلك المجموعات لمجرد بعض التعابير التي يشعرون بها تحمل شيئاً من الإساءة لكنها غير مباشرة، أو لمجرد التعبير عن تحاملهم وغضبهم من سير النقاش وهنا للقضاء الكلمة الأخيرة في الفصل. ذلك ما ذكرته بيان زهران - محامية - حينما أكدت على أن الاعتداء عبر قنوات التواصل الاجتماعي لا بد أن يكون مثبتا بالأدلة والقرائن وإلاّ يمكن أن يعرض صاحب الدعوة للمساءلة، مشيرة في ذات السياق إلى أن الكثير من الاستشارات جاءت لها من قبل سيدات رغبن في رفع قضايا على أقارب لهن في مجموعات العائلة كبنات الخالة وغيرهن، فقط لفرط الغضب مما كتب عنهن، ولو لم تحمل الإساءة الكبيرة، ناصحةً ألا يلجأن إلى القضاء من أجل حفظ صلة الدم والقرابة. وتباينت الآراء بين مؤيد ومعارض للتجاوزات التي تحدث في مجموعات الواتساب والتي وجد البعض أنها تخل بالأخلاقيات، في حين دعا البعض إلى استخدام أسلوب التروي والحكمة وتقبل الرأي الآخر في المشاركة. منصة عامة وقالت امتثال الجويسر - مدربة في إحدى الصالات الرياضية -: إن الاختلاف حالة طبيعية لاسيما حينما يكون الرأي بين عدة أشخاص فكيف حينما يصل إلى أشخاص عددهم بالمئات، إلا أن الاعتداء مرفوض بشتى صورة، لذلك فكثيراً ما يتحمل المشرف على القروب المسؤولية في إثارة تلك النزعات، مضيفةً أن المشرف يجب أن يضع القوانين الصارمة والتي يمنع فيها الإساءة والاعتداء وبث كل ما يخل بمفهوم الذوق العام والأدب واحترام الموجودين، وقد وجدت في الكثير من المجموعات مثل هذا الضبط، ففي حال حاول أحدهم التجاوز بالرأي على الآخر فإن المشرف على القروب ينبه ويحذر الطرفين، فإذا لم يرتدعا، فإنه يقوم بإزالتهما من القروب، وهنا لا بد على الأفراد أن يتمتعوا بالكثير من الانضباط والخلق الحسن في التعامل مع الآخرين لاسيما أن المجموعات منصة عامة الجميع يشاهد ويرى ما يحدث. تجاوزات كثيرة وأوضحت سمية عطية - مشرفة في أحد المجموعات - أنه - مع الأسف - هناك تجاوزات كثيرة تحدث من البعض، لاسيما النساء؛ لأنهن لا يتنبهن إلى تأثير الكلمة في الآخر، فمن خلال تجربتها وجدت أن البعض يستخدم الإساءة غير المباشرة والتي يرغب في وصولها إلى الشخص المقصود، وغالباً ما تفهم إلى أين تتجه الرسالة، إلاّ أن هناك من يصرح بالاعتداء دون أن ينتبه إلى خطورته في قنوات التواصل الإلكتروني، مضيفةً أن الأفراد وأمام شيوع وانتشار المجموعات عبر التطبيقات الإلكترونية عليهم أن يتصفوا بدماثة الخلق، والبعد عن التعابير غير اللائقة مع الآخرين، كما يجب على الآخر والذي يشعر بأنه المقصود أن يدير دفة المعركة بأسلوب عقلاني بعيداً عن الشجار وتصعيد الموضوع إلى القضاء، لاسيما حينما لا تتعلق تلك الإساءة بالشرف أو السمعة. جريمة إلكترونية واستطردت المحامية بيان زهران في رأيها القانوني قائلةً: إن التعدي على الآخرين في المجموعات أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر جريمة إلكترونية يعاقب عليها القانون، فنظام الجرائم الإلكترونية نص على أن التشهير بالآخر يعد جريمة إلكترونية، مبينة أن القضايا لا يمكن أن ترفع في المحاكم من منطلق إحساس الشخص بالإساءة كما حدث في قصة إحدى السيدات - طفت على السطح مؤخراً - فربما المرأة الأولى قصدت الترحيب بتصغير الاسم، لذلك لا يمكن رفع القضايا لمجرد الإحساس بالإهانة، والقانون لا يقبل بالشكوك والظنون، إنما يقبل البينات وما يثبت، فهناك بعض الألقاب والمسميات التي تذكر في المجموعات هي معروفة بين جميع الناس أنها ليست إساءة، حتى اعتبرت صاحبة الحادثة أنها إهانة، لافتةً إلى أن القضايا الجنائية الإلكترونية تمر بعدة مراحل حتى تصل للقضاء، إذ لا بد أن تبدأ من مركز الشرطة ثم النيابة العامة حتى تصل إلى القضاء، لذلك فإن هناك قضايا ترفع ويدعي صاحبها أنها تحمل إساءة إلكترونية ولكنها إذا لم تكن مقنعة ومرتبطة بالدلائل فإنها لن تقبل قضائياً، فحينما يرفع الفرد قضية على آخر لا بد أن يكون هناك إساءة مباشرة عبر قنوات التواصل الإلكتروني، ولكن إذا لم توجد الإساءة ترفض، ذاكرةً أن الأمور التي تدخل ضمن الجرائم الإلكترونية والتي يعاقب عليها القانون تتمثل في السب والقذف والاعتداءات والتشهير بالآخرين والطعن في أخلاقهم وفي الشرف، فجميعها إساءات يحاسب عليها القانون، إلاّ أن هناك إساءة مباشرة وهناك غير مباشرة، فالإساءة المباشرة هي التي تذكر اسم فلان من الناس وتذكر الصفة المُسيئة به بشكل واضح، في حين أن هناك إساءة غير مباشرة كأن يذكر شخص إساءة غير موجهة لعدد كبير من الناس في القروب، فيفهم أن المقصود فلان فهذه إساءة غير مباشرة، مبينةً أن هناك ثلاثة عناصر لأحقية رفع القضية: الأول: وجود الضرر وهي الإساءة، والثاني: أن تكون عبر قنوات التواصل الاجتماعي، والثالث: أن يكون فيها إثبات لهذا الضرر. 500 ألف ريال وذكرت بيان زهران أن المادة الثالثة من نظام الجرائم الإلكترونية نصت على أن العقوبات تحدد بغرامات تبدأ من 1000 ريال وقد تصل إلى 500 ألف ريال، وكذلك السجن الذي قد يبدأ بأربعة أيام ويصل إلى العام، حسب نوع الضرر والاعتداء، فحينما يكون القروب به عدد كبير من الناس، وكانت الإساءة عبر قنوات التواصل الاجتماعي فالقاضي هنا يقيسها بحسب المشاهدات، وكيف تم تداول هذا الخبر وما مدى الضرر، مضيفةً أن حرية التعبير عبر قنوات التواصل الاجتماعي لا يجب أن تصل إلى مرحلة التجاوز والاعتداءات، فيمكن أن يقول الشخص رأيه ولكن بوجود إسناد حقيقي، وأسباب بينة؛ لأن هذا لا يحمل حرية رأي إنما يحمل إساءة لطرف آخر متضرر، وهناك شعرة رفيعة بين حرية الرأي وبين الإساءة، ولا بد أن تكون مفهومة لدى المجتمع، مبينةً أن هناك فرقا بين أن يذكر الشخص رأيه في أمور الوطن وهذا حق مشروع لكل مواطن، ولكن يجب أن يقال بطريقة تثبت أننا جديرين بذكر الرأي، ولكن الاعتداء على الآخرين لمجرد قول الرأي فهذا غير صحيح. طلب التعويض وأشارت بيان زهران إلى أنه تأتي الكثير من الاستشارات في رفع قضايا على إساءات عبر مجموعات الواتساب إلاّ أنها قدمت النصح لهؤلاء بألا يرجعوا إلى القضاء في مثل هذه المسألة، لاسيما أنها تتعلق بمجموعات الأهل وبنات الخالة، فالعديد من السيدات يسألن عن رفع القضايا على بعض الأشخاص في تلك المجموعات العائلية كنوع من الغيرة بين النساء والتي عادة ما تحدث، أو الشعور بالإساءة فترغب في رفع قضية وتعتقد أنه الخيار الأنسب، لكن مثل هذا الخيار يفاقم من المشكلة، وربما رفعت الأخرى دعوة كيدية كنوع من الرد إذا لم تكن الدعوة مثبتة، مُحذرةً من مثل هذه الدعوات القضائية، فالطرف الآخر بمجرد أن يجد أن القاضي صرف النظر في الدعوة المرفوعة ويثبت بأنها كيدية، يأخذ الحكم ويرفع دعوة لتعزير صاحب الدعوة الكيدية ويطلب التعويض، مؤكدةً على أنه لا بد من وجود الإثبات، والإثبات هنا له شروط، فعلى سبيل المثال حدثت عبر القروب إساءة وتم رفع القضية ولكن الإساءة هنا لا يوجد عليها إثباتات قاطعة بأنها إساءة ولا توجد قرائن ودلائل تصل لمرحلة البينة، فهنا يصعب أن نؤكد الحالة وربما تؤخذ على أنها دعوة كيدية، لافتةً إلى أن الإحساس بالإساءة لا يكفي لرفع الدعوة وربما فيها تعريض لمن رفع الدعوة للمساءلة القانونية. في الواتساب يجب أن ينتقي الشخص كلماته بعيداً عن الإساءة للآخرين بيان زهران