نتفق كثيراً مع إيجاد مساحة الحرية في تقديم الآراء والأفكار والنقد البناء، وكذلك إثارة القضايا العامة التي تسلط الضوء على ما يمكن أن يرتقي بهذا الوطن، حيث تُعد ظاهرة صحية وجدت عبر "الإعلام الجديد"، الذي تمثل في كثير من وسائل الاتصال الحديثة عبر "تويتر" و"فيس بوك". وعلى الرغم من إيجابية التعبير عن الرأي للأفراد في المجتمع، إلاّ أن تلك المساحة من الحرية لا بد أن لا تستخدم بطريقة سلبية، وذلك بتسخيرها كوسيلة انتقام لكل من كانت لديه ردة فعل سلبية تجاه وزارة ما أو جهة حكومية أو مسؤول، فالنقد الإيجابي لا بد أن يثمن ويعمق عبر تلك المواقع، لكن أيضاً يجب أن لا يستخدمه البعض في شن حروب شخصية كردة فعل، حيث أصبح البعض يعود إلى "الإعلام الجديد" كوسيلة للضغط على جهة ما أو شخص معيّن. عبّر عن رأيك وطالب بحقك ولكن لا تسئ لأحد أو تنقل معلومات خاطئة بأسماء وهمية إننا مع النقد الهادف والموضوعي الذي يجعل من مستوى الخدمات والحقوق الوطنية واضحا ومتاحا، حيث نرغب في أن يكون هناك رأي يسهم في الإصلاح وتعميق تلك السياسة، لكننا ضد أن يتحول "الإعلام الجديد" إلى وسيلة انتقام، فهل تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى حلبة حروب وصراعات شخصية؟ أم أنها وسائل تحقق نقلة نوعية عبر حرية رأي مدروس يهدف إلى البناء والتعديل وتجويد الخدمات؟ أنحتاج إلى أن نقضي زمنا أطول لاستيعاب تجربة "الإعلام الجديد" والتعامل من خلاله بطريقة أكثر موضوعية وحيادية؟ أم أننا نحتاج إلى الوعي الذي يجعل منّا شعوبا تعرف كيف تنتقد؟ وكيف تمتدح؟ وكيف تقول بحرية ما تريد بحيادية كبيرة؟ وتبقى المصلحة العامة أن يتواصل الأفراد مع الخارطة الاجتماعية، إلاّ أنه لا بد من سن قوانين وأنظمة يحترمها الجميع، كما يجب الوقوف وبشدة تجاه من يجعل من "مواقع التواصل الاجتماعي" وسيلة انتقام، وعلينا أن ندرك أن مثل هذه الآراء لا تمثل أشخاصا معروفين، فلو كان لديه قضية حقيقية لخرج باسم صريح على الناس وتحدث بثقة، وأخيراً لا بد من توعية المجتمع بأن لا يأخذ كل ما يُكتب على محمل الصدق، فهناك من يكتب بشعار: "إذا لم تعطني ما أريد فسأُثير الرأي العام عليك"! إيجابية وسلبية وقال "د. محمد بن سليمان الوهيد" -أستاذ علم الجريمة بجامعة الملك سعود-: إن أي مكتشفات جديدة دائماً تكون ردة الفعل هي إساءة الاستخدام فيها، وربما يصل الأمر إلى انتهاك خصوصية الآخرين، حيث أن البعض يجعل من قدرته على الوصول إلى مفهوم التقدم المتاح في سوء الاستخدام، مبيناً أن هناك من يستفيد من مواقع التواصل الاجتماعي بشكل جيد وهناك من يسيء استخدامها، مشيراً إلى أن الإعلام أداة اجتماعية مؤثرة، فمن الممكن أن يخدم الأفراد في توعيتهم باستخدام تلك المواقع الإلكترونية بشكل إيجابي، حيث أن الأفراد يختلفون في تعاطيهم عن بعضهم البعض، فهناك من يستخدم الإعلام بشكل إيجابي، وهناك من يستخدمه بشكل سلبي، وهناك من يستخدمه من أجل المصلحة الوطنية. د. محمد الوهيد وأضاف: الأمانة ليست واحدة، لذلك فإن السيطرة على ذلك لن يتحقق إلاّ عن طريق الترشيد ورفع الوعي، وكذلك التقنين وإيجاد الحل في محاسبة من يعمل سلبياً، لكن تبقى التوعية هي الأهم والمؤثرة، التي من الممكن أن تخلق الحماية للأفراد والمؤسسات الرسمية حتى لا ينحى النقد إلى اتجاه غير عادل، فإما أن يرفع ويثمن الجهود بشكل مبالغ فيه أو يقلل من الجهود بشكل أيضاً مبالغ فيه وغير عادل. غير عادل وأوضح "د. الوهيد" أن هناك من يساهم في التضليل سواء عن طريق المدح غير العادل أو النقد غير العادل، فلا يخدم المجتمع والوطن، وبالتالي نجد أنه لا حل لمثل هؤلاء سوى الحجب، وذلك قرار ليس إيجابياً ولا يخدم المصلحة الوطنية، مبيناً أن المصلحة تكمن في أن تبقى على تواصل تام للخارطة الاجتماعية للإنسان، ولا بد أن يكون هناك اطلاع كامل على مستوى الوعي والأفكار والأحكام بجميع نطاقاتها، مضيفاً أن حرمان شخص بريء من التواصل والتفاعل عبر مواقع التواصل أسوأ بعشر مرات من إتاحة الفرصة لمن يسيء الاستخدام، مؤكداً على أن ما نحتاجه هو وضع قوانين وأنظمة يحترمها الجميع، وتستطيع أن توقف هذا الزيف، كما يجب أن نقف موقفا حقيقيا وتقويميا تجاه من يجعل من هذه المواقع وسيلة انتقام، وعلينا أن ندرك أن مثل هذه الآراء لا تمثل أشخاصا محددين أو هويات معروفة، فلو كان لديه قضية حقيقية لخرج باسم صريح على الناس وتحدث بثقة، مُشدداً على أهمية توعية المجتمع بأن لا يأخذ كل ما يُكتب على محمل الصدق والحقيقة، فيصدقوا مثل تلك الإشاعات. وأضاف أن مثل ذلك لا يُشكّل أزمة في المجتمعات الأخرى؛ لأن هناك أنظمة تحترم، ومن يرغب في الحديث عن مشكلة ما يتحدث عنها باسمه الصريح، وربما يذهب إلى وسائل إعلام وقنوات فضائية، أما من يصرح باسمه فإن وزارة الإعلام لديها هيئة تستطيع أن تحاسب وأن تحول القضية إلى حقيقية. إثارة رأي وشدّد "د. الوهيد" على ضرورة أن يكون النقد موضوعيا وصريحا ولا يستهدف به إثارة الرأي العام، فهناك نقد يرغب فيه الفرد إثارة الرأي العام، وهناك من يهدف بنقده إلى الإصلاح، مضيفاً أنه لا بد أن يكون هناك أهداف تصب في صالح المجتمع ومؤسساته حتى لا تبعد الأغراض إلى الإساءة للوطن، مبيناً أن هناك من يتخوف من النقد لأنه يخشى أن تتعطل معاملته التي يرغب في إنهاء ما تتطلبه في تلك الجهة الحكومية، وهناك جهات تتحقق من النقد، لكن في النهاية لا بد أن يكون الهدف البناء وإزالة الظلم، مشيراً إلى أن النقد غير الموضوعي حينما يحمل عدم احترام للمؤسسات التي تنتمي إليها، أو الإساءة لشخص معين حتى لا يستمر في موقعه الوظيفي، أو الحد من حريته أو اتهامه وهو بريء، لكن يبقى هناك من يدقق خلف ما يثار ويبحث ويتقصى من الأحكام التي تطلق في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يجد أن الحقيقة بخلاف ما أثير، فهو إنما لا يبعد أن يكون انتقاما شخصيا من مبدأ "إذا لم تعطني ما أريد فسأثير الرأي العام عليك"! ممارسة الضغط وأكد "د. الوهيد" على أن هناك من يحاول ممارسة الضغط على مؤسسة من المؤسسات من خلال تلك التغريدات، فمثل ذلك إساءة لا تهدف إلى إصلاح معين، بقدر ما تهدف إلى إثارة الرأي العام، ومن محاولة الإصلاح إلى إحداث مشكلات اجتماعية، التي قد تؤدي إلى إثارات سلبية وتوجيه تهم إلى أشخاص، موضحاً أن من المعروف في الدول الأخرى لا يتعامل مع التهم على محمل الحقيقة، مبيناً أنه حينما ينشغل المجتمع بما يثيره أحد الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي حول جهة حكومية ما، فإن الناس ستبحث ويبدأ البعض في إيجاد جواب، مشيراً إلى أنه لو كان الجواب بهذه الطريقة لكل ما يُثار في مواقع التواصل الاجتماعي، لن يكون للجهات الرسمية وظيفة إلاّ الرد على مثل هذه التساؤلات. حالة صحية ورأى "م. عبدالرحمن بن أحمد اليامي" -عضو سابق في لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في مجلس الشورى- أن أي ظاهرة جديدة لا بد أن تخضع لفترة من الفوضى في الاستخدام؛ لأنه أصبح الجميع يدلي برأيه دون حسيب أو رقيب، فأصبح من السهل جداًّ حتى على العاطل عن العمل أن يقيم الأوضاع والخدمات في الجهات الحكومية وهو بعيد عن تلك الأجواء، فينتقد الصحة والتعليم ووزارة العمل، وهو حينما يعمل في إحدى تلك القطاعات فأنه قد يفشل، مبيناً أن النقد حالة صحية لمعرفة أوضاع ما يُدار في جهة ما، ذاكراً أنه يوجد نقد غير موضوعي وكذلك مديح غير موضوعي، حتى تحول من ينتقد كثيراً نجماً في مواقع التواصل الاجتماعي، مُشدداً على أن مثل هذه المشكلة تحتاج إلى ورشة عمل وبحوث والكثير من الجهد لمعرفة مسبباتها وكيفية حلها. وأضاف أنه في غياب النقد الإيجابي الموضوعي فأنه سينتشر النقد السلبي والمديح الزائد، كذلك سيغيب المدح الإيجابي، لافتاً إلى أنه حينما ينتقد مواطن الخدمات في جهة معينة فإنه لا بد أن يكون عانى كثيراً وتلك حقيقة، حتى أن بعض المعاملات في بعض الجهات الرسمية لا يمكن أن تنتهي إلاّ حينما يكون للشخص "واسطة"، وتلك حقيقة لا يمكن نكرانها، مبيناً أنه في مقابل ذلك يوجد أجهزة حكومية تحاول أن تنجح في تقديم خدماتها، لكنها قد لا تصيب، نتيجة وجود من يفسد تلك الخدمات، مؤكداً على أنه لا نستطيع أن ننكر أن النقد الموجه إلى تلك الجهات يدل على عدم وجود الرضا العام لمستوى الخدمات، بخلاف بعض الدول الأخرى التي لا نجد فيها هذا القدر الكبير من النقد، وذلك ما يجعلنا نبحث في الأسباب. د. أسامة أبو النجا معلومات مغلوطة وقال "د. أسامة أحمد أبو النجا" -عضو هيئة التدريس بكلية الحاسبات وتقنية المعلومات بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة-: إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت في الوقت الحالي متاحة لمن يرغب أن يدلي برأيه في كل شيء، حتى تحولت عند البعض إلى وسيلة سهلة للانتقام، ولكي يكتب آراءه الشخصية دون رقيب، مُشدداً على خطورة المعلومات التي تذكر عبر مواقع الإعلام الجديد والتي تؤثر كثيراً على الأفراد، خاصةً في البحث عن المعلومة، وتلك من أكثر المشاكل التي تواجههم في كليات الحاسب وتقنية المعلومات، حيث أن هناك من يستند في آرائه على معلومات مغلوطة تذكر عبر "الإنترنت" وهي غير دقيقة أو مغلوطة، مبيناً أنه ليس هناك تواصل بين أقسام تقنية المعلومات وكليات الحاسب وبين وزارة الإعلام للتعاون بإيجاد مشروعات جديدة وحية تخدم الإعلام الجديد كنوع من التطوير والتوعية، مُشدداً على ضرورة أن يكون هناك زيادة في الوعي وتفعيل الفهم الصحيح لاستخدام تلك الوسائل التقنية الجديدة، خاصةً في ظل عدم جدوى الحجب، كذلك يجب تكثيف الأنشطة والمسابقات والمحاضرات التي تزيد من وعي الفرد في الاستخدام وفي التعاطي مع مشكلة ما، أو قول رأي حول قضية ما.