في الكثير من مباريات كرة القدم، من المؤكد أنك لاحظت شيئاً: بعد الفوز فإن مشجعي الفريق يتغنون بمهارات فريقهم، لكن بعد الخسارة فإنهم يتجاهلون نوعية لعب فريقهم ويضعون اللوم على الحظ أو الحكم. هل تلاحظ الانتشار الشديد لذلك؟ يقول عالم المخ لينارد ملاديناو: إنها أداة يستخدمها العقل اللاواعي تسمى التفكير المحفَّز: عندما ترسم صورة لنفسك في ذهنك فإن العقل اللاواعي يمزج الحقائق مع الأوهام، ويبالغ في تصور نقاط القوة وتهوين نقاط الضعف، بعدها ينظر العقل الواعي إلى هذه الذات بإعجاب ويثني على دقتها. التفكير المحفَّز يوجَد شيء يدفعه ويحفزه ويحركه، يجعلنا نشعر أننا جيدون وأكفاء، وأننا نتحكم بأنفسنا وظروفنا، وبشكل عام أن نرى أنفسنا بشكلٍ طيب، وهو أيضاً يشكّل فهمنا وتفسيرنا لبيئتنا، ويساعد في تبرير اعتقاداتنا المفضلة، وهذه الأخيرة هي لب الموضوع. بسبب كون هذا التفكير قد قرر الفكرة مسبقاً وبسبب كونه غير موضوعي فإنه يقلل من أهمية الأدلة التي تعارض فكرته، وأحياناً يتجاهلها تماماً. كما في ظاهرة الكرة المذكورة فأيضاً على نفس النمط يهنئ المسؤولون في الشركات أنفسهم على النتائج الجيدة، لكن إذا ساء أداء الشركة فإنهم فجأة ينتبهون لعوامل أخرى وينسبون ضعف الأداء لها، وهذا يمكن أن يكون لا واعياً أو يكون كذباً عمداً. ماذا لو أننا وضعنا الأدلة المؤيدة والمعارضة للفكرة أمام الشخص؟ أظهرت الدراسات أن جعل الناس يقرؤون دراسات ذات أساس علمي جيد تحوي كلا وجهتي النظر (ضد ومع آراء الشخص) لا يجعلهم أكثر تفهماً، بل يقوّي الاختلاف بين الفرق المتعارضة! الناس يحاولون نقض الأدلة التي لا تعجبهم ويلمّعون الأخرى. أخذ العلماء عينات من تغطية تلفازية لحدث دموي في إحدى الحروب، ولما رآها فريقان (أحدهم مؤيد لأحد الطرفين والآخر للآخر) فإن كل فريق وصف تلك التغطية أنها ضد جانبه. هنا درسان كما يلخص لينارد، أولهما: من يعارضون رأينا لا يجب أن نظن أنهم يكذبون على أنفسهم إذا رفضوا الإقرار بالأخطاء الواضحة في تفكيرهم. ثانياً وهو الأهم: من المفيد لنا جميعاً أن نعترف أن تفكيرنا في الغالب ليس موضوعياً تماماً ويمتلئ بالتحيزات البالغة.