أبسط وصف تجاه تصريحات نائب رئيس لجنة الحكام يوسف ميرزا أنها تصريحات صادمة بمعنى الكلمة، ذلك أنها بعثت برسالة للشارع الرياضي مفادها أن اللجنة تبحث عن الإثارة مثل بعض الأندية ورؤسائها والقائمين على البطولات الكروية السعودية. أما لماذا يمكن وصفها بالصادمة بل والكارثية، فلأنها جاءت من شخص مسؤول في لجنة حساسة ومهمة، أولى مهامها صيانة العدالة ونزاهة المنافسة، من خلال تأهيل وتطوير الحكام وإبراز نخبة من الأسماء التي يمكن أن تقود أصعب المباريات المحلية، فضلاً عن الخارجية، ولأن اللجنة مطلوب منها إيصال الحكم السعودي لأعلى المستويات حتى على المستوى العالمي، فهي تماماً مثل إدارة المنتخبات مثلاً، والمسؤولة عن إدارة تمثيل الوطن كروياً. أن يخرج الرجل الثاني في اللجنة ويقول إن الأخطاء التحكيمية تزيد من إثارة الدوري والمباريات فهذا يعني أن ميرزا، وربما من هم فوقه مقتنعون أنه يجب أن يقتسم الحكام قطعة من كعكة الإثارة، وهذا غير مقبول وغير منطقي، فالإثارة والتشويق في كرة القدم يصنعها لاعبون مميزون ومدربون أكفاء، وتنافس قوي تحكمه عدالة قوية تعطي كل ذي حق حقه. إنه رسوب بامتياز في معرفة أهم مسؤوليات لجنة التحكيم من قبل نائب رئيس اللجنة الذي كان حكماً سابقا ومن الأسماء التي تحميل سيرة تحكيمية جيدة، فالمسؤول إن لم يكن قدوة في التعامل وإيصال أهم رسائل لجنته إلى الحكام قبل إيصالها للمحيط الخارجي، لا يستحق موقعه لأنه وببساطة يفتقد للقدرة على إيصال الرسالة الحقيقية للإدارة أو اللجنة المسؤول عنها. الكل يعلم ما هي رسالة التحكيم في كرة القدم، لكن لجنة الحكام في اتحاد الكرة أفصحت عن رسالة من نوع مختلف، وتخالف أبسط مبادئ ومضامين التحكيم في اللعبة الأكثر شعبية في العالم، وهذا يعني أن أي بناء على مستوى اللجنة سيكون على أساس ضعيف ولا يُرجى منه تطور أو ارتقاء بمستوى "قضاة الملاعب" وهو المسمى الذي يعني أن الحكم يُنتظر منه العدل أمام الجميع بارتكاب أقل الأخطاء. إن كان الأمر كذلك وأن الحكام جزء من الإثارة فلماذا حضرت تقنية "VAR" ولماذا تُنفق الملايين على التحكيم والحكام الأجانب والتطوير والمعسكرات وغيرها من أمور تتعلق بالحفاظ على عدالة المنافسات، وهنا يبدو أن ميرزا وربما غيره من المسؤولين انجرفوا خلف المفهوم المشوه والخاطئ للإثارة في كرة القدم. لا أعلم عن ردة فعل اتحاد الكرة تجاه تصريحات ميرزا المحرجة، لكن الأكيد أنها فتحت الباب أمام تأويلات عدة في المقبل من الأيام، وعند حدوث أي خطأ تحكيمي بالتزامن مع التلميحات المتزايدة لعودة الحكم السعودي، وعندها سيدفع اتحاد الكرة برمته ثمن هذا التصريح حتى وإن أقال نائب رئيس اللجنة.