منذ وفاة الخليفة العباسي (المتوكل على الله) سنة (274ه) صارت الوحدة العربية جسداً بلا روح، وتمزّقت أرض العرب وتفرّقت كلمتهم، واستولى على الأمر أجانب غير عرب، وإن ظل اسم الحاكم العربي موجوداً (مجرد اسم بلا فعل) ثم دخل العرب عهد الدويلات الصغيرة وعصور الانحطاط، وتُرك قلب العروبة ومهد الإسلام (جزيرة العرب) مُمزقاً مُفرقاً معزولاً يعلوه رُكام من الجهل والفقر والخوف والجوع ونزاع القبائل، ويجوس خلاله قُطّاع الطرق حتى على حجاج بيت الله الحرام.. والقرى الصغيرة انكمشت تُصارع الجوع والخوف والموت.. لم يكن هناك دولة مركزية.. كل قرية (شاخ عليها أكثر من شويخ) في حالة يُرثى لها تُنذر باندثار بعد سقوط الدولة السعودية الثانية. لكنّ الله - تبارك وتعالى - قيّض لجزيرة العرب بطلاً فذّاً عبقريّاً من أبطال العروبة والإسلام، بل من أبطال التاريخ المعدودين، هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيّب الله ثراه - فجمع شتات قبائلها ورجالها على كلمة الإخلاص، ووحّدها تحت راية الإسلام، في وحدة عربية عظيمة لم يشهد العرب مثلها من ألف عام، وفي ظلّ استقرارها العميم أمكن استخراج أكبر مخزون نفطي يُحرّك اقتصاد العالم كله، فأصبحت المملكة العربية السعودية منارة العرب والمسلمين، ومصدر خير وسلام وازدهار للعالمين، ونهضت - في فترة وجيزة جداً - نهضةً كبرى لا يتصورها أشد الحالمين، وأضاف أنجال الملك عبدالعزيز أمجاداً جديدة إلى الأمجاد التليدة، وبنوا فأعلوا البناء. وتُوِّج ذلك برؤية (2030) على أيدي ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - فأصبح للمملكة مكانة كبرى في العالم، ومهابة وكلمة مسموعة في أكبر المحافل، وصارت ملء السمع والبصر، من الدول العظمى، وعضواً فاعلاً في منتدى دول العشرين الكبرى على مستوى العالم، وتبنّت تنمية مستدامة طموحة جداً تُعانق السماء لصالح مواطنيها ومستقبل أجيالها.. "إنه وطن نفخر به".