الأرض.. الجزيرة العربية، الهدف.. استعادة ملك، الوسيلة.. العقل والروح وسواعد الرجال. عاش الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- هماً لا يحتمله إلا الأشداء أصحاب الهمة العالية، كيف لا وهو يصارع في فكره الشاب آنذاك الحنين والشوق لاستعادة المفقود على الرغم من أن الحياة هُنا لم تكن مغرية إلى حد يجعل الإنسان يغامر بحياته من أجلها، لكن العظماء والنبلاء ينشدون الهدف الأسمى من دون النظر إلى حجم المكتسبات أو احتمالية ارتفاع المخاطر. أدار الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- المعركة بالعقل والهمة، كان يحمل الهدف النبيل الممزوج بالقوة والعزم، لم يركن إلى القبول والتسليم دون المحاولة التي قد يخسر بها الحياة، أدارها بخطوات تصاعدية غير مندفعة مع أنها كانت ممتلئة بالشجاعة فالبدء بالرياض أولاً هو دلالة على القوة والرمزية التي كان ينشدها عندما يسيطر على قلب الجزيرة العربية وقاعدة الدولة السعودية يستلهم منها الحنين وذكرى الأجداد، ثم تلا ذلك المناطق المحيطة بالرياض قبل أن ينقل الفتوحات إلى القصيم ثم الأحساء وعسير وحائل إلى أن ضم الحجاز وبعدها جازان. بعد استتباب الأمن بدأت رياح التغيير، لم يكن -طيب الله ثراه- بالمنتقم الباطش كعادة النفس البشرية عند الانتصار، كان رجل دولة ينشد استقرار وتطور بلاده بسواعد أهلها من دون تمييز، لم يفرق بين من كان معه ومن كان ضده في المعارك، صنع نسيجاً واحداً يؤمن بالوحدة الوطنية على الطريقة التي كان يؤمن بها -طيب الله ثراه-، حارب الفساد والنفوذ الجائر بحماية الفرد مقتصاً له ممن ظلمه. وها هو الملك سلمان -رعاه الله- يُعيد رياح التغيير بما يتناسب مع اليوم متكلاً على الله سبحانه وتعالى ثم على الهُمام الأمير محمد بن سلمان لدفع عجلة التغيير لمستقبل أفضل وحياة أكثر تنظيماً. رياح تغيير تطال أجهزة الدولة وتعيد بناء علاقاتها مع المواطن، رياح تغيير على الكثير من معوقات التنمية سياسية كانت أو اجتماعية، رياح تغيير على المحسوبيات والفساد، رياح تغيير تهدف إلى تعزيز كرامة الفرد والدفع به لمعرفة حقوقه الشخصية دون وصاية أو استغلال، رياح تغيير تجعل مستقبل الأجيال هدفاً أولياً للدولة وشعاراً للعمل الحكومي المنضبط والمبني على "وأد الفساد والمحسوبيات". حفظ الله البلاد والعباد وأتم لنا أمننا ووحدة وطننا.