حتى تتكامل الجهود، أرى أن يكون ضمن برامج ومبادرات جودة الحياة ما له علاقة بالجوانب القيمية للأسرة وكيفية تقويتها حتى نقلل من أي تأثيرات سلبية لبعض البرامج وخاصة الترفيهية منها.. كما أرى ضرورة أن تمتزج البرامج الثقافية والترفيهية بالعمق التاريخي لهذا الوطن.. تضمنت رؤية المملكة 2030 العديد من البرامج والمبادرات التي سيتم تنفيذها خلال سنوات الرؤية وبرنامج التحول الوطني 2020. ومن ضمن هذه البرامج، برنامج جودة الحياة الذي يأتي استكمالاً للبرامج التنفيذية التي سبق إطلاقها لدعم تحقيق محاور رؤية 2030م وتعزيز ركائز القوة لدى المملكة. فما المقصود من برنامج جودة الحياة الذي ورد ضمن برامج رؤية المملكة؟. في الواقع أن مسمى جودة الحياة يذهب بالذهن بعيداً إلى تحقيق طموحات الأفراد، وتحقيق السعادة والفرح لهم، فكيف يتحقق ذلك؟ يهدف البرنامج إلى بناء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطن والمقيم على حد سواء في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية، مما سيؤدي إلى توليد العديد من الوظائف وتنويع النشاط الاقتصادي، ويسهم في تعزيز مكانة المدن السعودية لتكون في مصاف أفضل المدن العالمية. هذه الأهداف الجميلة، عززها برنامج جودة الحياة بعدد من المبادرات لتحسين نمط حياة الفرد والأسرة، وتشجيع المشاركة في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية، وزيادة الفرص الاستثمارية، وتنويع النشاط الاقتصادي، ليصبح اقتصاد المملكة أكثر ازدهارًا، والمجتمع السعودي أكثر حيوية بما يتوافق مع المحاور الرئيسة الواردة في الرؤية. ولهذا فليس مستغرباً أن نجد هذا البرنامج وهو يتداخل مع جميع برامج ومبادرات الرؤية، فهو يستهدف تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 20 % سنوياً حتى العام 2020، وتوفير ما يزيد على 346 ألف وظيفة، وإدراج ثلاث مدن سعودية على الأقل ضمن قائمة أفضل 100 مدينة للعيش في العالم مع حلول عام 2030، وتطوير القطاعات التي تُعنى برفاهية المواطنيين، وتوفير فرص استثمارية لتحقيق حالة من النمو والتنمية المستدامين، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في هذه المباردات. كما أن تطوير البنى التحتية لمدن المملكة، وتأمين خدمات شاملة للسكان، وتوفير خيارات ذات جودة عالية ومتنوعة لنمط الحياة، وبناء آليات للتمويل تشمل نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي من المستهدفات المهمة للبرنامج. وضمان تلبية متطلبات مختلف الشرائح الاجتماعية في مختلف مدن المملكة بالتساوي، وتخصيص المشروعات بشكل دقيق، جميع هذه الأشياء تأتي ضمن 23 هدفاً حددها البرنامج، من بينها أربعة أهداف ترتبط بشكل مباشر بمفهوم نمط الحياة، وهي تعزيز ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع، وتحقيق التميز في عدة رياضات إقليمياً وعالميا، وتطوير وتنويع فرص الترفيه لتلبية احتياجات السكان، وتنمية مساهمة المملكة في الفنون والثقافة، ودعم الأنشطة الرياضية، وتحفيز القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي للعب دور محوري في إنشاء المرافق الترفيهية، وتعزيز الحضور الدولي للمملكة في مجالي الفنون والثقافة. والجميل في مبادارت برنامج جودة الحياة أنه لا يشمل المشروعات الكبرى مثل مشروعات القادسية، والبحر الأحمر، وبوابة الدرعية، وجدة التاريخي، واللجنة الملكية لمدينة العلا ومشروعات أخرى، فهذه المشروعات الكبرى لها استثماراتها الخاصة والتي تتجاوز 86 مليار ريال سعودي (23 مليار دولار). وينبغي أن لا ننسى في غمرة حماسنا لتطبيق برامج ومبادرات جودة الحياة الاهتمام بأهم عنصر في مجتمعنا وهو تعزيز قيم المجتمع والمحافظة علها، فهي الأساس للمحافظة على تماسك الأسرة وتقويتها لتستطيع الإسهام بكل ثقة في هذه البرامج والمبادرات الخاصة بجودة الحياة. فلدينا الكثير من القيم الجميلة والمستمدة من ديننا الحنيف والتي ينبغي علينا ترسيخها في أذهان شباب هذا الجيل، والتأكيد عليها في جميع هذه البرامج والمبادرات حتى لا نفاجأ بجيل جديد تحققت له جودة الحياة، ولكنه أفتقد إلى هويته الدينية والثقافية التي هي مصدر اعتزاز لنا جميعاً. جودة الحياة فكرة طموحة جداً وهي لا تعني المشروعات الضخمة فقط والتي هدفها تحسين حياة الأسرة والمجتمع، ولكن المقصود أيضاً تحفيز الأفكار والمشروعات الإبداعية التي هي في النهاية ستصب في مصلحة بناء فرص جديدة للأفراد، وهذا هو الهدف الأسمى لبرنامج جودة الحياة والتي لن تحقق نجاحها ما لم يشعر كل فرد بأن الفرص توفرت له بشكل متساوٍ مع الآخرين.. وهذا أهم ما في مستهدفات البرنامج. وحتى تتكامل الجهود أرى أن يكون ضمن برامج ومبادرات جودة الحياة ما له علاقة بالجوانب القيمية للأسرة وكيفية تقويتها حتى نقلل من أي تأثيرات سلبية لبعض البرامج وخاصة الترفيهية منها.. كما أرى ضرورة أن تمتزج البرامج الثقافية والترفيهية بالعمق التاريخي لهذا الوطن.. كيف عاش أبناؤه في هذا الوطن، وكيف كافح أجدادهم للمحافظة على وحدته واستقراره.. فصورة التلاحم الفريد بين القيادة والشعب في الدولة السعودية بمراحلها الثلاث الأولى والثانية والثالثة تمتلئ بالقصص التي تستحق أن تروى لأجيالنا لينهلوا منها العبر، ويستلهموا منها قصص كفاح أجدادهم بما يساعد على نجاح برامج ومبادرات جودة الحياة، ويعزز مبادئ الوحدة والتلاحم لأبناء هذا الوطن الشاب الذي لديه الكثير ليقدمه لبناء مستقبل أكثر إشراقاً. والله ولي التوفيق.