«عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلًا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا» هذه المقولة من أشهر مقولات العمياء الصماء هيلين كيلر. هذه المرأة من أبرز شخصيات القرن العشرين، امرأة بعد ولادتها بتسعة عشر شهرًا أصيبت بحمى في الدماغ أفقدتها السمع، والبصر. لكن الإنسان إذا امتطى الإرادة، والعزم فسيشق طريقه غير آبهٍ بعراقيل الحياة، هذه المرأة التي تفتقد أهم حاستين يتواصل بهما الإنسان مع محيطه، درست وأكملت تعليمها الجامعي، وحصلت على البكالوريوس في الآداب، وواصلت سعيها الذي تُوِّج بحصولها على شهادة الدكتوراه في العلوم العليا، والدكتوراه في الفلسفة، وألفت ثمانية عشر كتابًا تعتبر من أكثر الكتب مبيعًا في العالم من أشهرها «العالم الذي أعيش فيه»، ونالت عدة أوسمة على مستوى أميركا غير أنَّها محاضرة، وكاتبة، وناشطة حقوقية معروفة. هذه الشخصية الملهمة تبين أن الإنسان قادر على تجاوز ظروفه إذا امتلك الإرادة والتفاؤل؛ فالله -سبحانه وتعالى- وهب الإنسان كل عوامل القوة التي تحقق له النجاح، والسعادة، وترك له اكتشافها، وتطويرها ويضع كثير من الناس عمره في دائرة الأعذار إقناعًا لنفسه، أو تبريرًا لها. الناس في الغالب قدراتهم متقاربة، والفرق فقط في الإصرار والعزيمة والإنسان ابن أفكاره وهي الفيصل في نجاحه؛ فالناجحون متفائلون، واثقون بقدراتهم، متجاوزون للعوائق، والإعاقات قادرون على المضي قُدمًا، وتطوير أنفسهم. والعامل الأكثر خطورة في تكوين شخصية الإنسان، وأفكاره هو محيطه القريب، فله تأثير لا يكاد ينفك عنه، وهذا مكمن الخطورة؛ فيتطور فكره في مراحل عمره خاصة الأولى بناء على أفكار، وثقافة هذا المحيط، وعلى الإنسان أن يتطلع دائمًا إلى تطوير نفسه بالعلم، والرجوع إلى مصادر المعلومات لغربلة معلوماته، والبحث عن الحقيقة، وكل جديد. والشخصية المتفائلة، والإيجابية لا تنطلق من الخارج، والظروف المحيطة هي لديها واقع داخلها يملأه التفاؤل والثقة، هذا الواقع ينمو في أسرة واعية تتحمل المسؤولية كأسرة هيلين كيلر التي لم تشق طريقها وحدها، فقد كان لأسرتها دور كبير في تجاوز ظروفها؛ فقد وفرت لها كل السبل وأهمها معلمة متميزة في مثل حالتها، وكان لهذه المعلمة دور كبير في تجاوز إعاقتها، وبث روح الأمل، والتفاؤل فهذه المعجزة كان وراءها معلمة معجزة وهي آن سوليفان التي نقلتها من السكون إلى الحركة، وذللت لها كل الصعوبات بدعم من أسرة واعية حتى وصلت هيلين كيلر إلى ما وصلت إليه. وهذا يجعلنا نقول إن الإنسان إذا كان ذا عزيمة ووجد بيئة واعية؛ فلن تقف أعتى الظروف في طريقه، وما الظروف إلا حاجز وهمي في عقول الضعفاء.