أثرت أعمال الإرهاب التي يشنها النظام الإيراني وأعوانه الحوثيون وسلسلة الانفجارات التي طالت منشأتي بقيق وخريص على أعمال شركة «سابك» ومجمعاتها للبتروكيميائيات التي تعتمد في إنتاجها على وفورات اللقيم الخام من الغاز الطبيعي من أرامكو والتي تقلصت إمداداتها بسبب الهجمات التي أدت إلى توقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب تقدر بنحو 2 مليار قدم مكعب في اليوم، تستخدم لإنتاج 700 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي، مما سيؤدي إلى تخفيض إمدادات غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى حوالي 50 %. وأعلنت «سابك» أمس عن نقص في امدادات بعض مواد اللقيم بنسب متفاوتة ومتوسط تقريبي 49 %، لبعض شركاتها التابعة في المملكة العربية السعودية ابتداءً من يوم السبت الموافق 14 سبتمبر 2019. وشددت الشركة بأنها تعمل حالياً على تقويم الآثار النهائية لتحديد الأثر المالي، مبينة أنه سيتم الإفصاح لاحقاً عن أي تطورات جوهرية، وفقاً للإجراءات واللوائح التنظيمية ذات العلاقة. وتعتمد «سابك» على إمدادات اللقيم من شركة أرامكو ويشكل غاز الإيثان 40 % من احتياج صناعات «سابك»، والميثان بنسبة 15 %، والبروبان بنسبة 25 %، والبيوتان بنسبة 10 %، وأخرى بنسبة 10 %، ويحتاج إنتاج الطن الواحد من الميثانول إلى 34 مليون وحدة حرارية من غاز الميثان في وقت تبلغ تكلفة الغاز 1,25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وتعتبر منشأة بقيق أكبر مرفق لمعالجة الزيت وتركيز النفط الخام في العالم، حيث تتلقى مرافق النفط في بقيق النفط الخام المار من معامل فرز الغاز من النفط لتعالجه وتحوله إلى نفط خام حلو، ثم تنقله إلى رأس تنورة والجبيل الصناعية لدعم مصانع البتروكيميائيات على الساحل الشرقي، وإلى مدينة ينبع على الساحل الغربي، وترسل الغاز المنبعث كمنتجات ثانوية من الخزانات شبه الكروية وأعمدة التركيز كجزء من عملية التحويل، إلى مرافق سوائل الغاز الطبيعي في بقيق لإخضاعها لعمليات معالجة إضافية. في حين لم تتأثر الإمدادات المحلية لقطاع الكهرباء والمياه من الوقود، أو على إمدادات السوق المحلية من المحروقات، كما لم ينجم عنه أي إصابات بين العاملين في هذه المواقع والشركة لاتزال في طور تقييم الآثار المترتبة على ذلك، وتعكف أرامكو حاليًا على استرجاع الكميات المفقودة من مخزوناتها الاستراتيجية المنتشرة في مواقع مختلفة من المملكة. وهذا الهجوم الإرهابي والتخريبي هو امتداد للهجمات الأخيرة التي استهدفت المرافق البترولية والمدنية ومحطات الضخ وناقلات النفط في الخليج العربي، في وقت لا تستهدف هذه الهجمات المنشآت الحيوية للمملكة فحسب وإنما تستهدف إمدادات البترول العالمية وتهديد أمنها، وبالتالي فهو يمثل تهديداً للاقتصاد العالمي، ويبرز مرة أخرى أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بدوره للمحافظة على إمدادات الطاقة ضد كافة الهجمات الإرهابية التي تنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية الجبانة وتدعمها وتمولها. وتنفذ أرامكو مشروعات توسعية لشبكة الغاز الرئيسة تشمل تجهيز حقل مدين للغاز غير المصاحب لإنتاج 75 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا من الغاز الطبيعي، و4500 برميل من المكثفات يوميًا، لتحل محل الوقود السائل في توليد الطاقة. كما شملت عددًا من مشروعات الغاز قيد التنفيذ، ومنها مشروع الغاز في الفاضلي لمعالجة 2.5 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميًا، ما يُسهم في رفع سعة معالجة الغاز الإجمالية للشركة، ومن شأن زيادة إمدادات الغاز المحلية توفير كميات إضافية من الوقود واللقيم لتزويد المرافق والصناعات بطاقة أنظف، مع إتاحة المزيد من النفط الخام للتصدير. كما شملت البرامج التي تستهدف تحسين الإنتاج من حقول الغاز القائمة، توسعة الطاقة الاستيعابية لمرافق معالجة الغاز الجديدة، بما فيها معمل الغاز في الحوية، والتي يتوقع أن تبدأ أعمالها التشغيلية في العام 2021م، لتضيف أكثر من 1.1 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًا، مما يعمل على زيادة الطاقة الإنتاجية للمعمل إلى نحو 3.6 مليارات قدم مكعبة قياسية يوميًا، كما بدأت الشركة إنشاء سلسلة وحدات الاستخلاص العميق لسوائل الغاز الطبيعي في معمل الغاز بالعثمانية بغرض استخلاص غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي الأخرى من الغاز الطبيعي الذي يتم إنتاجه في المعمل، وكذلك توسعة معمل الغاز في الحوية. وتسعى شركة «سابك» لرفع مبيعاتها وعوائدها للنصف الثاني من 2019 بعد أن تعثر إجمالي دخلها للنصف الأول الذي بلغ 21,3 مليار ريال مقارنة بنفس الفترة للعام الذي قبله البالغ 30,5 مليار ريال بانخفاض بنسبة 30,2 %، وواجهت بعض منتجاتها الكيميائية ضغوطاً وأبرزها وحدة أحادي الإيثيلين جلايكول والتي لامس مؤشر أسعارها 520 دولارا في الصين في الربع الثاني من العام 2019 وهو أقل مستوى له منذ العام 2009 متأثرا بظهور بوادر نحو تقليص الإنتاج في آسيا، وكذلك تحويل الإيثيلين إلى مشتقات أخرى مثل البولي إيثيلين، فيما عانى الميثانول من الآثار السلبية جراء تقلص الطلب في الصين والأسواق النهائية الرئيسة، وبالأخص الفورمالديهايد، وانخفاض الطلب من مصانع تحويل الميثانول إلى أوليفينات، وانخفاض الطلب في الهند. كما تأثرت بوحدة أعمال البولي إيثيلين والتي انخفضت على أساس ربع سنوي، متأثرة بانخفاض حجم المبيعات، إضافة إلى تعرض أسعار البولي كربونات للضغوطات جراء المخاوف من زيادة الطاقة الإنتاجية وتباطؤ نمو الطلب في سوق السيارات والأسواق النهائية الرئيسة، وظلت حركة صناعة البولي بروبيلين إيجابية نسبيا مقابل بعض البوليمرات الأخرى، في حين حققت المغذيات الزراعية تطوراً حيث شهدت الإيرادات البالغة 1.80 مليار ريال في الربع الثاني ثباتاً على أساس ربع سنوي بالمقارنة مع الربع السابق، وعلى النقيض تأثر قطاع الحديد والصلب وتراجع دخله بنسبة 21 % عند 2.56 مليار ريال للربع الثاني من 2019 بسبب انخفاض حجم المبيعات. يشار إلى أن مرافق الغاز في مجمع خريص تعالج الغاز المصاحب، و70 ألف برميل في اليوم من المكثفات و320 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز، وشملت التوسعة إنتاجا إضافيا يبلغ 300 ألف برميل في اليوم وطاقة إضافية لحقن المياه تبلغ 500 ألف برميل في اليوم، في حين توظف آبار خريص أحدث تقنيات الحقول الذكية، بما فيها القياسات الآنية للمعدلات، والتحكم عن بعد، وإمكانات المراقبة.