إن نهوض المعرفة بالأفراد وتعميقها لوعيهم يسهم بطريقة فعالة في نهوض المجتمع كله، إذ لا يمكن تنظيم المجتمع ومواجهة مشكلاته بطريقة علمية وفعالة إلا بالاستفادة من أرباب المعرفة والعقول الناضجة، وإذا عُدم الارتقاء بالوعي المعرفي الفردي فلا يمكن تحقيق الأهداف المجتمعية في الرقي والتقدم. وتكمن أهمية المعرفة في أن صاحبها يعيش بها في مجتمع يتأثر بأحداثه ويؤثر فيها، ويتميز من خلالها بدقة الاستيعاب لمشكلات مجتمعه، وينفرد عن غيره من الناس بالرقي في حل المشكلات الواقعة، وبالجهد المعرفي المرتبط بالبحث عن الحلول الإيجابية لمحتلف ظواهر المجتمع العارضة، ويحاول صاحب المعرفة بما لديه من نظرة معرفية وعمق في الرؤية والتفكير أن يرسم لمن حوله أهدافه وغاياته. وتفيد المعرفة في تعميق الوعي الفردي، فتوقظ الفرد من سباته العميق، وتجعله يتعقل حياته بدلًا من أن يعيشها على علاتها، وتكشف المعرفة له عن مضامين الحياة، وتوضح مكانه في المجتمع، وتبرز له الأهداف، وتدفعه دائمًا إلى تطوير حياته، واستمرار نموه الفكري الذي لا يشعر معه بالملل على مر الأيام، حيث تمثل تنمية الفكر المعرفي قمة النضج العقلي عند الفرد، ويحقق به قدرة لرسم خطوات النجاح والتميز. وتعد المعرفة من أقوى الأسباب للارتقاء بالمستوى العقلي لأفراد المجتمع، ومن أسباب النهوض بالمؤسسات التعليمية ومنتسبيها، ولا تقل أهميتها عن ممارسة التمرينات الرياضية؛ فإذا كان الفرد يسعى من خلال ممارسته للتمرينات الرياضية إلى إعادة بناء جسمه بناءً سليمًا خاليًا من الأسقام، فإن حرصه على المعرفة والاهتمام بها يسهم في تنمية قدرات التفكير عنده، ويمكنه من استخدام التفكير السليم وعقليته الناضجة في حل مشكلاته التي تعرض له في حياته اليومية، والمساهمة بطريق مباشر أو غير مباشر في حل مشكلات مجتمعه، ولك أن تقارن بين صاحب المعرفة وغيره في تناولهما للمشكلات اليومية وطريقة حلها. إن كل بيئة تسعى إلى الرقي والتقدم لا بد أن تستخدم المعرفة زادًا لها، فتتبنى لنفسها من خلال المعرفة أهدافًا ونظريات عامة تكون نابعة من الفكر المعرفي والفهم العميق، من خلال معرفة احتياجات البيئة ومشكلاتها، فوجود المعرفة مع الأهداف والنظريات يسهم في الرقي والتقدم، وبدون وجود هذا الإطار المعرفي تضطرب البيئة وتفقد طاقاتها، وتسير بطريقة عشوائية.