أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" عن نجاح تجربَتَي تقديم خدمة فتح الحسابات البنكية للأفراد عن بعد وخدمة تحديث بيانات "اعرف عميلك Know your customer - KYC" عَن بُعد في إطار البيئة التجريبية التنظيمية (Sandbox) الخاصة بسوق الخدمات والمنتجات المالية المبتكرة في المملكة، وذلك بمشاركة 12 بنكاً ومصرفاً عاملة في السوق المحلية. وأوضحت المؤسسة، أنه بإتمام هذه الخطوة، وبعد تنفيذ أكثر من 666 ألف عملية تجريبية بنجاح من قبل تلك البنوك والمصارف، أصبح متاحاً لها تقديم خدمَتَي فتح الحسابات البنكية للأفراد وتحديث بيانات اعرف عميلك عن بُعد بشكل رسمي إلى عملائها، والتي تمت الإشارة إليها في التحديث الخامس لقواعد فتح الحسابات البنكية والقواعد العامة لتشغيلها في البنوك التجارية العاملة بالمملكة الصادرة عن المؤسسة مؤخراً. كما وأعلنت المؤسسة في وقتٍ سابق، عن التصريح لعدد أربع عشرة شركة متخصصة في مجال التقنية المالية والتي تُعد بمثابة دفعة جديدة للعمل في البيئة التجريبية التنظيمية الخاصة بسوق الخدمات والمنتجات المالية المبتكرة في المملكة، لتنضم بذلك إلى قائمة الشركات المصرح لها سابقاً والبالغ عددها إحدى وعشرون شركة. تجدر الإشارة إلى أن البيئة التجريبية التشريعية (Sandbox) أو كما أَسمتها وعَرفتها موسوعة ويكيبيديا الحرة (Wikipedia)، "بصندوق الرمل"، على أنها "بيئة اختبار تَعزل تغييرات التعليمات البرمجية غير المختبرة والتجربة المباشرة عن بيئة الإنتاج أو المستودع"، في حين عَرفها موقع "عرب فيوتشر"، على أنها "تقنية تسمح بتشغيل بعض البرمجيات بحدود معينة داخل بيئة عمل افتراضية، يتم إنشاؤها بحيث يُمكن السيطرة على كل ما تسببه هذه البرمجيات من أوامر، فلا تتجاوز تلك البيئة الافتراضية إلى نظام التشغيل الأساسي". وتشير دراسات وبحوث علمية، إلى أن مسمى البيئة التجريبية مشتق في الأساس من فكرة من صندوق رمل الأطفال، الذي يتيح للأطفال بناء العديد من الأشكال الإبداعية ويوفر لهم بيئة يظهروا من خلالها إبداعاتهم ومخيلاتهم. ووفقاً لتصريح "ساما"، إن البيئة التجريبية التشريعية، صممت لفهم وتقييم أثر التقنيات الجديدة في سوق الخدمات المالية في المملكة، وللمساعدة على تحويلها إلى مركز مالي يتسم بالذكاء التقني، وبما يسمح للشركات المحلية والعالمية، التي ترغب في اختبار الحلول الرقمية الجديدة بالدخول في بيئة فعلية بغية إطلاقها في المملكة مستقبلاً. وتأتي فكرة استحداث بيئة تجريبية تشريعية وتنظيمة في المملكة، توافقاً مع توجهات رؤية المملكة 2030، بربط البيئة التجريبية ب"ساما"، بهدف تعزيز النمو الاقتصادي والنهوض بأنشطة الاستثمار والتحول نحو مجتمع غير نقدي، إضافة إلى تعزيز مبدأ الشمول المالي Financial Inclusion. والهدف أيضاً من استحداث البيئة التجريبية، هو استقطاب المؤسسات المالية والشركات المحلية والعالمية المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية Fintech، للاستفادة من هذا النوع من التقنية حاضراً ومستقبلاً في تقديم منتجات وخدمات مالية مبتكرة إلى الأسواق السعودية، من خلال شركات ناشئة محلية وعالمية، مما سيسهم في دعم بيئة الابتكار في الخدمات المالية وخدمات المدفوعات الرقمية، ويساعد كذلك المؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا المالية على تجربة منتجاتهم الابتكارية بضوابط تَنعكس على القطاع المالي بالعديد من الإيجابيات، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، تسهيل إجراءات التعاملات المالية الرقمية، وتحسينها بما في ذلك خفض التكاليف. برأيي أن استحداث بيئة تجريبية تنظيمية في المملكة، تُعد خطوة تنظيمية واستراتيجية طموحة لتطوير التعاملات المالية على وجه العموم، والتعاملات الرقمية على وجه الخصوص، وبالذات التي تَعتمد على الابتكار والإبداع. فهي إلى جانب تحقيقها تطلعات وطموحات رؤية المملكة 2030، بتحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع غير نقدي، فهي أيضاً تَخدم أغراض التنمية الاقتصادية المرتبطة بتعزيز مبدأ الشمول المالي وفق مستهدفات "برنامج تطوير القطاع المالي"، أحد برامج الرؤية التنفيذية، بحيث يَصبح القطاع المالي السعودي، وبالذات الجانب المرتبط بالمدفوعات، قطاعاً متطوراً ومزدهراً، ومحفزاً على الادخار، والتمويل، والاستثمار من خلال مؤسسات مالية مُتمكنة وقادرة على تَقديم خدمات مالية متنوعة ومتطورة.