أنهت أسواق النفط تداولات الأسبوع الماضي بضغوط المخاوف التي رافقت مؤشر الأسعار في التراجع لمستوى ال 58 دولاراً بنهاية الأسبوع الذي مثّل أثقل تداولات العام الجاري 2019م منذ الأسبوع الثاني من شهر يناير الماضي. وبثّ التصعيد الأميركي في ملف النزاع التجاري مع الصين المخاوف بالأسواق العالمية تجاه الاقتصاد العالمي بحسب ما وصفه محلل أسواق النفط الدكتور محمد الشطي الذي بيّن أن المخاوف من هذا النزاع تسببّ في تصعيد الضغط على أسعار النفط التي تراجعت مؤشراتها في تداولات الأسبوع الماضي تحت ال 60 دولاراً. وقال ل "الرياض" عندما نتكلم عن السوق النفطية فالأمر يتعلق بعاملين الأول العرض والثاني الطلب، والذي يؤثر حالياً في أسواق النفط هو حالة الطلب التي بدأت بالتأثر نحو الانخفاض بفعل مخاوف من تباطؤ في الاقتصاد العالمي، والتي جاءت نتيجة للتوترات التجارية بين الصينوالولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث بدأت تأخذ وتيرة تصعيد بالرغم من المؤشرات الإيجابية التي تلت اجتماع مجموعة العشرين الاقتصادية، فقد جاء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 % على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار وذلك بدءاً من أول سبتمبر المقبل، وهو ما يعد تصعيداً تجارياً جديداً ضد الصين سيكون له أثر في تجديد المخاوف حول الاقتصاد العالمي، وتهديد الصين برد فعل على ذلك، ثم تصنيف الولاياتالمتحدةالصين على أنها تتلاعب بسعر صرف العملة، مشيرة إلى أنها ستعمل مع صندوق النقد الدولي للقضاء على "الميزة غير العادلة" التي اكتسبتها الصين من خلال خفض اليوان الصيني مقابل الدولار إلى الحد الأدنى منذ ديسمبر الماضي. وتابع بقوله لهذه المخاوف دور في أسواق النفط من حيث إنها تستهدف قطبي التجارة والاقتصاد والاستهلاك في العالم وتسير في فلكهما جميع دول العالم فأي تأثير سلبي سينال بقية دول العالم وخصوصا آسيا، وهو ما يعني ضرورة حدوث تباطؤ في أداء الاقتصاد العالمي، وسبق أن حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد من أن الاقتصاد العالمي يواجه في الوقت الراهن مخاطر كبيرة مع ارتفاع الحواجز التجارية التي تضر كافة الأطراف، كما أدى النزاع التجاري بين البلدين إلى حدوث تراجع في أداء بعض الأسهم في الولاياتالمتحدة الأميركية، لذلك فإن مخاوف التوتر التجاري وتأثيراته على الاقتصاد العالمي وأسواق المال تصدرت المشهد العالمي لتضغط على أسعار النفط من جديد، بالإضافة إلى أن المخاوف الطارئة حول الاقتصاد العالمي لا تشجع حركة الشراء للعقود في الأسواق الآجلة، وقد تقبل عليها صناديق الاستثمار والمضاربة في حال توقع تغير أوضاع الأسواق إلى التوازن والأسعار للارتفاع. وذكر أن المصرف المركزي النيوزلندي قام بخفض أسعار الفائدة أكثر من المتوقع إلى أدنى مستوى تاريخ البلاد، حيث خفضها بواقع 50 نقطة أساس في محاولة منه لاستباق أثر تباطؤ الاقتصاد العالمي وتحفيز الاقتصاد الوطني، ما أدى إلى تراجع الدولار النيوزلندي بأكثر من 2 % إلى أدنى مستوى له منذ يناير للعام 2016م، كما تراجع الدولار الأسترالي بأكثر من 1 % إلى أدنى مستوى له في 10 سنوات على خلفية تكهنات بأن المركزي الأسترالي سيحذو حذو نظيره النيوزلندي في خفض أكبر من المتوقع لأسعار الفائدة، وذلك ضمن سباق للمصارف المركزية بخفض أسعار الفائدة للتيسير النقدي، حيث خفض المركزي الهندي الفائدة اليوم وبشكل مفاجئ للمرة الرابعة هذا العام أسعار الفائدة لتقف عند 5.4 %، وهو المسار الذي يؤكد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي والتوترات التجارية والدولار الأميركي، كما أن قرار الولاياتالمتحدة الأميركية بزيادة القيود على فنزويلا وتحذير الدول من التعامل مع النظام الحاكم في البلاد أو شراء النفط الفنزويلي سيمنع بلا شك أسعار النفط من التدهور أكثر، لا سيما أن الإنتاج الفنزويلي يستضّح تأثره بشكل كامل خلال الأشهر المقبلة ما يعني المزيد من الدعم لأسعار النفط، كما أن الضغوط على الأسعار أمرٌ متوقع ومنطقي، وفِي أحسن الأحوال بقاء الكويتي ضمن نطاق 60 - 66 دولاراً للبرميل إلى نهاية العام في ظل التوترات التجارية بالإضافة إلى أنه على الرغم من تناقص المعروض النفطي في الأسواق العالمية بسبب اتفاق OPEC+ والتوترات الجيوسياسية في مناطق الإنتاج إلا أن التوقعات تشير إلى أن هنالك وفرة في المعروض النفطي بالأسواق مقابل مخاوف من ضعف الطلب، وبالتالي استمرار اختلال ميزان الطلب والعرض في ضوء ارتفاع مستمر في إنتاج النفط الأميركي وأيضا مخاوف من إقبال الصين على كسر الحظر المفروض على مبيعات النفط من إيران وشراء كميات من النفط الإيراني. وأضاف يعتقد الكثير من المراقبين بأن أسعار النفط الخام في هبوط وانخفاض وأن الحد الأدنى لأسعار نفط خام برنت هو 50 دولاراً للبرميل، وبعد انخفاض أسعار نفط خام برنت بشكل متسارع إلى مستويات 55 دولاراً للبرميل جاءت تصريحات المنتجين للنفط وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية على لسان الفالح بأنها مهتمة لاستقرار الأسواق وأن إنتاجها لشهر سبتمبر سيكون أقل ونقلت بعض وسائل الإعلام أنه سيكون أقل ب 700 ألف برميل يومياً، كذلك جاءت تصريحات من الوزير الإماراتي سهيل المزروعي لتعزز هذا التوجه من خلال توقع تحسن الالتزام باتفاق الخفض بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة وأن أساسيات السوق قوية والسوق متوازنة، وأن السوق تتحرك بشكل متسارع لبعض المؤشرات ولكن طبعاً عاد للتصحيح من الهبوط الكبير وكذلك استجابة لبعض الأخبار بأن المملكة العربية السعودية حالياً تقوم ببعض المشاورات لدعم الأسواق أو خفض المعروض وأنه ربما تتم مناقشة الأمر والتشاور خلال اجتماع لجنة مراقبة الإنتاج الوزارية في 12 سبتمبر في دولة الإماراتالمتحدة الخلاصة أن الأسعار شهدت تعافياً بعد التراجع الكبير ولكن تبقى المؤشرات الاقتصادية ضعيفة من خلال التوترات بين أمريكاوالصين وخسارة أسواق الأسهم الرئيسية، وأظهرت الأرقام الأخيرة تراجع عدد منصات الحفر في الولاياتالمتحدة، وتظهر التحركات بالأوساط النفطية جهوداً جادّة لإيقاف تراجع الأسعار من خلال التأكيد على الالتزام والتعاون لخفض الإنتاج بما يضمن إمدادات السوق رغم أن أسباب الضعف ليست الأوبك أو حلفاءها المنتجين ولكن ضعف الأسعار يؤثر على الجميع بما في ذلك النفط الصخري وموازنات المنتجين. د. محمد الشطي