يكتسب المتعلمون منذ إدراكهم الكثير من الأفكار والسلوكيات من البيئات المحيطة بهم، وهذه الأفكار بعضها صواب وبعضها خطأ، ومهمة المدارس بما فيها من معلمين ومناهج دراسية تقرير الصواب وتنميته، وإزالة الأفكار والسلوكيات الخاطئة والقضاء عليها. وتعرف العملية التعليمية بأنها عمليةُ بناء وتطوير العقول وتهذيبِ الأخلاق وتعديلِ السلوك على منهج معين محدد يسير فيه عمل المتعلمين على موازين هذا المنهج، فتقوم العملية في بدايتها على وجود منهج محدد يراد منه تطوير عقول وتهذيب سلوكيات مجموعة من المتعلمين، وتوضع مع وضوح المنهج ووجود المتعلمين مجموعة من الوسائل المساعدة لإدخال هذه الأفكار والأخلاق في عقول المتلقين بكل يسر، وقد تختلف الأفكار والأهداف المرجوة نظراً لاختلاف المناهج الدراسية إلا أنه مهما اختلفت فإن النتاج الرئيسي من العملية التعليمية، وهو استقامة وتطوير العقل وتهذيب السلوك وتعديله مما لا يُختلف فيه. وتقوم العملية التعليمية على أركان ثلاثة، وهي: المعلم، والمتعلم، والمنهج التعليمي، ولا وجود للعملية التعليمية من دون هذه الأركان الثلاثة، وعلى قدر الخلل فيها يكون الخلل في المنتج التعليمي، فبعض العمليات التعليمية لا يتوفر فيها معلمٌ أصلاً، وبعضها قد يتوفر فيها المعلم إلا أن شروط المعلم ليست متوفرة، حيث يقوم بالتعليم أشخاص ليست لهم مؤهلات التعليم، أو لا يمتلكون خبرة كافية في مجال التدريس، وربما يمتلك بعضهم خبرة كافية في مجال التعليم لكنهم يفقدونها في مجال تهذيب سلوك المتعلم وتعديله، مما يؤدي إلى فشل كثير من المتعلمين، وعدم رغبتهم في التعلم، وصدودهم عن التلقي، وعدم وجود الحافز والدافعية للدراسة، وبعض هذه العمليات لا يتوفر فيه المتعلم الحقيقي، وهو الشخص الراغب بلسانه وحاله في تطوير عقله، وتهذيب سلوكه، وتغيير فكره، وتصحيح مساره، وإذا اكتفى الشخص المتلقي للعملية التعليمية بمعرفة ما تعلمه معرفة نظرية دون محاولة تطويع عقله وأخلاقه لما حصله وتعلمه فلن يكون متعلماً حقيقياً في نهاية أمره، وبالتالي لا يمثل المنهج الذي تعلمه. وقد يوجد في بعض الأحيان المعلم الحقيقي والمتعلم الراغب، ويغيب المنهج التعليمي الذي يهتم بالجانب العقلي والروحي معاً، وربما توضع وسائل تعليمية غير مناسبة وملائمة لبناء عقلية المتعلم بناءً صحيحاً، وحينها فإن المعلم والمتعلم سيدوران في حلقة فارغة، وهو واقع مجرب ومشاهد في كثيرٍ من المدارس، وستمر السنة بعد السنة دون تحصيل حقيقي، ولن يكون هناك أثر حقيقي للمعلم ولا تأثير للعملية التعليمية في واقع حياة المتعلم، ولذا فإن التمسك بالأركان الثلاثة، ودراستها دراسة واعية، وفهمها بعمق، وتنميتها، وفهم ما يحتويه كل ركن وما يستلزمه، وإقامة دورات تدريبية عنها ضرورةٌ تعليميةٌ.