الكثير من الأفكار والرؤى والمبادرات التي تباركها قيادة هذا الوطن الشامخ، يتم إطلاقها رسمياً وتتعلق بالمستقبل ومقابلة التحديات المتوقعة قبل وقوعها، عبر وضع التدابير والخطط الكفيلة بتحقيق إنجازات غير مسبوقة، والهدف من كل ذلك ضمان استمرار ازدهار ورقي الوطن، وضمان راحة المواطن، وجعله آمناً على حياته ومستقبله، وعدم تركه للاحتمالات والتغيرات والتقلبات. الأوطان التي تريد أن تتفوق وتتميز لا تقف عند حدود الحاضر، بل تتفحص المستقبل عبر الدراسات والأبحاث، وتصل إلى استنتاجات عديدة تبنى على أساسها قرارات مهمة هدفها المستقبل الأفضل والآمن، وضمانة أن يبقى الوطن وشعبه في أحسن حالاته، وهذا أمر نراه في أوطان عديدة وضعت كل خططها من الأعمال والمشروعات على هذا الأساس، مستفيدةً من قدراتها المالية وإمكاناتها المتوافرة حالياً. وليس أدلّ على ذلك، كمثال، من تخطيط وطننا الحبيب لمرحلة ما بعد النفط على مستوى اعتباره مصدراً من مصادر دخل الوطن، وما نراه من مبادرات وأفكار ورؤى تهدف إلى عدم الاعتماد الكلي عليه، وهو الأمر ذاته الذي نشاهده في قطاعات تخطط للمستقبل على أكثر من مستوى، ووفقاً لعدد من الاتجاهات التي تؤكدها الدراسات البحثية الرصينة. بين أيدينا نموذج مهم يتعلق بالنموذج العالمي الرائد في مختلف جوانب الحياة الذي تم إنجاز المرحلة الأولى من استراتيجية "نيوم" بمنطقة تبوك، هو إنجاز كبير وخطوة عملاقة نحو تنويع مصادر الدخل والابتعاد عن النفط، وكذلك تنويع مصادر الطاقة المتجدِّدة والطاقة الشمسية، والذي يقضي فيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إجازته السنوية فيها، ومشروع نيوم هو منطقة خاصة ممتدة بين ثلاث دول، تشمل وجهة حيوية جديدة تقع شمال غرب المملكة تسعى لتصبح محورًا يجمع أفضل العقول والشركات معاً لتخطي حدود الابتكار إلى أعلى مستويات الحضارة الإنسانية. وقد تم تصميم هذه المنطقة الخاصة لتتفوق على المدن العالمية الكبرى من حيث القدرة التنافسية ونمط المعيشة، وهو يقع في منطقة فريدة من نوعها تتميز بمعدل برودة أكثر من المناطق المحيطة بها. هذا النموذج يؤشّر إلى حضور الذهنية فائقة الاستشراف بالتخطيط للمشروعات المختلفة، وقدرة قيادة هذا الوطن على قراءة احتياجات هذا الوطن خلال العقود المقبلة، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على قطاعات أخرى. إن أهم ما يميز وطننا أنه يطلق المبادرات والأفكار المختلفة ويضعها موضع التنفيذ، وكلنا يذكر إطلاق القدية والبحر الأحمر وأمالا بتوجيه ودعم مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، والذي يتفحص طبيعة هذه المبادرات والأفكار التي تم إطلاقها خلال العامين الماضيين، سوف يكتشف بكل بسهولة أنها مبادرات وأفكار ترتكز أساساً على فهم التحولات السريعة في العالم من جهة، وإصرار قيادة هذاالوطن كذلك على الاستمرار في دعم التنمية بأسباب النماء، بشكل يتطابق مع هذه التحولات ويواجه أي تحديات محتمل وقوعها. هذا المشروع الذي سيكتمل عام 2025م، سيثبت قدرة المملكة العربية السعودية على الابتكار والتخطيط والإبداع، ووضع الحلول الممكنة حتى للمستحيل من القضايا، وحين نتمعن التفاصيل الفنية لهذا المشروع الحيوي ندرك أن مستقبل المملكة، بإذن الله سبحانه تعالى، سيكون متطوراً ومزدهراً كما هو واقعها، خصوصاً أن وطننا لا يترك شيئاً للاحتمالات أو المصادفات.