فقر مدقع يعانيه الشعب الإيراني، يحمل في بطونه مآسي وروايات تقشعر لها الأبدان؛ كأمّ في مدينة آبادان اضطرت لبيع الجوال ودراجة ابنها لسداد إيجار المنزل، لكن قصة تلك الأم انتهت بمأساة انتحار الطفل. حياة الترف التي لا ينعم بها جيل شهد نشوء نظام الملالي منذ العام 1979م، يعيشها المسؤولون الإيرانيون وأبناؤهم وأحفادهم طيلة 40 عاماً حتى وصلت حد الإسراف والبذخ. ورغم أن العام 2018 كان صعباً على النظام الإيراني إلا أن قادته لم ينخفض سقف أطماعهم. بينما ما زال خمسة ملايين مواطن إيراني يتلقون مساعدات مالية نظراً لظروف الفقر التي يعيشونها، وتتزايد نسبة طلبات المتقدمين على الإعانة المالية. وبعد انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي بدأت الأزمات الاقتصادية تتفاقم بشكل غير مسبوق منذ العام 2015م، وكذلك عقب إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران، انخفضت قيمة الريال الإيراني بنحو 70 % أمام الدولار، فيما قفز معدل التضخم السنوي في البلاد بنسب غير مسبوقة، ولا تكشف الحكومة عن نسب الفقر، غير أن د. حسين راغفر الباحث في مجال مكافحة الفقر بجامعة الزهراء الإيرانية، قال إن 26 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر. وفجرت السفارة الأميركية في العاصمة العراقية بغداد، قنبلة جديدة تضاف إلى سجل فساد النظام الإيراني والذي انتفض ضده الشعب وخرج إلى الشوارع احتجاجاً على السياسات الداعمة لميليشياته في سورية ولبنان والعراق واليمن، حيث كشفت السفارة أن ممتلكات مرشد النظام الإيراني علي خامنئي الذي يسوّق نفسه على أنه فقير تقدر بمئتي مليار دولار. وجاء في البيان: "يستشري الفساد في جميع مفاصل النظام الإيراني، بدء من القمة، بينما يرزح كثير من أبناء الشعب تحت وطأة الفقر، بسبب الوضع الاقتصادي المزري الذي وصلت إليه إيران بعد أربعين عاماً من حكم الملالي"، وتعد هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها الولاياتالمتحدة عن ثروة خامنئي وتكشف ممتلكاته الخاصة. وكانت تحقيقات صحفية قد كشفت أن خامنئي المولود عام 1939 في مدينة مشهد، عاش فترة طفولته "في عسرة وضيق شديدين"، وهو الآن يتحكم في إمبراطورية اقتصادية ضخمة، ويملك منظمة باسم "ستاد" تسيطر على كل هذه المليارات وتعد جهازاً للتأميم ومصادرة الممتلكات والأموال الخاصة بمعارضي النظام، ويتمكن من خلالها أن يعمل باستقلال عن البرلمان وعن ميزانية الدولة ولا يحق لأي جهة إيرانية مساءلته، رغم ما يثار حولها من شبهات عديدة، كما أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عليها عقوبات في العام 2013م. ووصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قادة النظام الايراني ب"عصابة المافيا"، حيث تطرق إلى قائمة من السرقات وعمليات الاختلاس ونهب الثروات التي قام بها خامنئي ورجال دين آخرون ومسؤولون كبار في النظام. وقال إن "ثمار هذه ال40 سنة من بعد الثورة كانت مريرة، 40 سنة من الحكم المُطلق، 40 سنة من إهدار ثروة الشعب على دعم الإرهاب". جدير بالذكر أنه بموجب الدستور الإيراني، يحق لمن يشغل كرسي "المرشد" أن يتحكم في مخصصات هائلة من الموازنة السنوية للدولة تذهب لمكتبه الخاص والمؤسسات التابعة له والتي لها ميزانية بالمليارات من موازنة الدولة العامة، ما ساهم في وضع إيران في المركز 138 من بين 180 دولة في تقرير منظمة "الشفافية الدولية" الذي يرصد مدى تفشي الفساد المالي. ووصلت نسبة البطالة إلى 60 %، كذلك يعاني 40 مليون مواطن من الفقر النسبي و32 % منهم تحت خط الفقر المطلق، و11 مليوناً يعيشون في مناطق التهميش، فضلاً عن 600 ألف سجين بجرائم جنائية معظمها سرقة ونهب.