د. عبدالفتاح ل«الرياض»: أردوغان جنَّس آلاف اللاجئين لكسب الانتخابات والمعونات بدأت السلطات التركية حملة أمنية شرسة لطرد اللاجئين السوريين، الذين تخطى عددهم أربعة ملايين لاجئ فروا هاربين من جحيم الحرب التي اندلعت قبل ثماني سنوات وأسفرت عن مليون قتيل، و12 مليون نازح ولاجئ، في أعقاب الثورات العربية الطامحة للحرية ولحياة أفضل، لكن سرعان ما تحولت شرارة ثورة الشعب السوري السلمية إلى صراع مدمر أباد مدناً كاملةً خلال فترة استثنائية من تاريخ سورية سجلت خلالها دول العالم مواقفها الداعمة والمتعاطفة مع مئات الآلاف من الأسر المتضررة من مأساة الصراع الدموي الذي لم ينتهِ بعد. ولأن "مصائب قوم عند قوم فوائد" لم يكن مستغرباً أن تستغل بعض الأطراف مأساة الشعب السوري المكلوم للاستفادة منها على حسابه، وهو ما انكشف للعالم أجمع بخطوة اعتزام تركيا ترحيل السوريين، لتظهر الأهداف المبطنة والخبيثة خلف استضافتهم خلال السنوات الماضية، حيث كانت تستخدمهم فقط كغطاء للحصول على المعونات المقررة لها ككلفة لاستقبالهم. ويحظى قرار تركيا ترحيل السوريين بغطاء رسمي من حزب العدالة والتنمية الحاكم، ضاربة عرض الحائط بالاتفاقيات الدولية المنظمة لاستقبال النازحين من الحروب والفارين من مناطق الصراعات، متجاهلة الجانب المأساوي المرير الذي يعيشه السوريون في الخارج، والواقع الأكثر مأساوية لمن هم في الداخل، وهو ما يفضح انعدام الجانب الأخلاقي والإنساني لدى حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، حيث من غير المعقول أو المقبول إعادة مئات الآلاف من الفارين من جحيم بشار الأسد إليه مجددًا. وتثبت تركيا بمواقفها يوماً تلو الآخر أنها دولة لا تهتم لا بالجوانب الإنسانية ولا بالالتزامات الأخلاقية، بدليل المعاملة السيئة والمهينة التي تعرض ومازال يتعرض لها اللاجئون السوريون وفرض حظر التجول عليهم، والتي فيما يبدو كانت أشبه بالمقدمات لطردهم وإبعادهم. ويرى محللون أن قرار تركيا طرد اللاجئين السوريين، جاء بعد التقارب الأخير مع نظام الأسد وتحديدًا الاتصالات بين أجهزة الاستخبارات في البلدين، مما يعطي هذا الأمر بُعدًا أمنيًا خطيرًا ينذر بمشكلات كبرى تنتظرهم حال عودتهم للأراضي السورية، وهو ما يحتم على الأممالمتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية التحرك بمنتهى الجدية للضغط على الحكومة التركية، لثنيها عن اتخاذ هذا القرار بحق اللاجئين السوريين، وتحميلها المسؤولية القانونية والجنائية لأي أذى قد يلحق بهم. من جانبه قال د. بشير عبدالفتاح الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والخبير في الشأن التركي، إن حزب العدالة والتنمية كانت لديه رغبة لتوظيف ورقة اللاجئين السوريين ضمن اتفاق أجري مع أوروبا لمنع دخول اللاجئين إلى أوروبا ويتحصل في المقابل على 7 مليارات يورو سنوياً. وأوضح عبدالفتاح في تصريحات ل"الرياض" إن أردوغان كان يستفيد من اللاجئين السوريين في منح بعضهم الجنسية للحصول على أصواتهم في الانتخابات أو يدعمون حزب العدالة والتنمية فضلاً أنه أراد استقطاب عدد كبير منهم حتى يكون له موطئ قدم داخل سورية بعد ذلك يضمن به محاربة الأكراد ومنعهم من إعلان دولة مستقلة داخل سورية. وأكد عبدالفتاح أن أردوغان اعترف بأن هناك اتصالات بين المخابرات التركية والسورية، ووزير الخارجية التركي قال إنه لا مانع من استمرار الأسد، وبالتالي هناك غزل بين الجانبين وربما يكون هذا جزء من التنسيق بدرجة أو بأخرى. القرار التركي واجهته دعوات لناشطين سوريين إلى إضراب في إسطنبول يوم غد الخميس، مطالبين بإغلاق المحال وعدم الذهاب إلى العمل للضغط على نظام أردوغان، في وقت يسيطر الذعر على مئات الآلاف من اللاجئين السوريين مع تزايد الإجراءات الأمنية المفاجئة التي تنفذها السلطات التركية في أماكن تواجدهم بعد سنوات من الترويج الكاذب لاستقبال السوريين في تركيا تحت شعار "التضامن الإسلامي".