تتصاعد مخاوف السوريين المقيمين في تركيا من تنامي الأزمة السياسية التي تعصف حالياً بتركيا، وتستهدف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. ويعزون ذلك إلى تجربة مشابهة عاشها السوريون في مصر إبان حكم الرئيس السابق محمد مرسي، وما تلاها من حالة اضطهاد عاشوها بعد أحداث «30 يونيو»، حيث اضطر الآلاف منهم إلى مغادرة مصر نتيجة اعتداءات متكررة، وحملات إعلامية في وسائل إعلام مصرية طاولتهم. وتساور السوريين الشكوك حول إمكانية بقائهم في تركيا في حال إطاحة حكومة العدالة والتنمية، ووصول معارضي أردوغان إلى السلطة، لا سيما أن قيادات معارضة لرئيس الوزراء الحالي أبدت عداءً للسوريين في أكثر من مناسبة، ودعت إلى طردهم من تركيا. في هذا الصدد يقول فتحي أحمد ل «الحياة» وهو صاحب أحد المطاعم السورية في مدينة غازي عنتاب: «إن الضرر سيلحق بالسوريين على جميع الأصعدة في حال تولي معارضي أردوغان السلطة، يمكننا الحديث عن ضرر سيطاول شرائح السوريين كافة، حتى رجال الأعمال الذين افتتحوا مشاريع في تركيا لن يسلموا من موجة العداء التي تبديها المعارضة التركية لوجود السوريين في تركيا، خصوصاً قيادات حزب الشعب». ويدرك السوريون أن الحكومة الحالية في تركيا قدمت ولا تزال تقدم لهم المساعدة في محنتهم خلال الثورة السورية، وفق ما يؤكد الصحافي السوري محمد كناص ل «الحياة». «لذلك، الترقب والقلق واضحان من أن يكون هناك موجة تغيير تطيح الحكومة الحالية، وبالتالي يفقدون داعماً مهماً ورئيساً، والكل يدرك لو أن الحكومة رحلت، واستطاع خصوم أردوغان الوصول إلى الحكم ستواجه السوريين مشاكل أقلها الطرد من تركيا، والعودة إلى سورية حيث الموت اليومي». وأضاف كناص أن «السوريين في تركيا بمعظمهم لا يملكون جوازات سفر، ولا أي وثيقة تثبت شخصيتهم نتيجة الدمار الذي لحق بمنازلهم والتشرد الذي يعانون منه، وهذا ما لم يحصل في أي دولة عربية حيث يطلبون أوراقاً ثبوتية لا يستطيع أحد أن يحصل عليها في هذا الوقت، هذا مثل بسيط للخدمات التي تقدمها الحكومة التركية للاجئين السوريين ويخشون أن يخسروه إذا ما تطورت الأوضاع نحو الأسوأ». وأصدرت الحكومة التركية قرارات عدة لتسهيل إقامة السوريين في تركيا، كإلغاء تحديد مدة إقامتهم، والتي كانت سابقاً 90 يوماً خلال السنة الواحدة، فضلاً عن قرار آخر يسمح لجميع السوريين المقيمين خارج المخيمات التركية بالعلاج في المستشفيات الحكومية مجاناً، وفي بعض المحافظات (غازي عنتاب) أصدرت السلطات المحلية بطاقات صحية للسوريين تمكنهم من العلاج في مسشفيات الدولة بالمجان، وحصولهم على الدواء بأسعار مخفضة، كذلك سمحت الحكومة التركية لرجال الأعمال بإنشاء مشاريع في المدن التركية كافة. إضافة إلى هذه التسهيلات تعتبر الحكومة التركية من أكبر الداعمين للجيش الحر، وغالبية المساعدات العسكرية تدخل للثوار من طريق الحدود التركية - السورية، كما سمحت أنقرة بدخول المساعدات الإنسانية والسلع الغذائية عبر المعابر الرسمية ومنها إلى مدن الشمال السوري وقراه، وافتتحت معابر خاصة لدخول المواد الإغاثية والطبية إلى سورية، كذلك تحتضن تركيا مقار الائتلاف الوطني المعارض، والمجلس الوطني السوري، والحكومة الموقتة وعشرات المنظمات والمؤسسات الطبية والإعلامية والإغاثية. ويرى عمار البكور وهو صحافي سوري غادر مصر بعد أحداث «30 يونيو» الفائت، أن الأحداث الجارية في تركيا تقلق كل مواطن سوري مقيم فيها، فحكومة رجب طيب أردوغان ساندت الثورة السورية على الصعيدين الإغاثي والصحي، وسهلت استقبال عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين. وقال البكور: «أنا كسوري أخاف من المجهول، خصوصاً أن حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه علويون أتراك مقربون من نظام الأسد، هو الذي يسعى لإطاحة حزب العدالة والتنمية، وله تاريخ في التحريض على وجود السوريين في تركيا، لا سيما بعد تفجيرات مدينة الريحانية، وما تبعها من اعتداءات ضد السوريين، ساهم الحزب المعارض في شكل رئيسي فيها، وحاول خلق فتن بين سكان المدينة وإخوانهم السوريين، وتعطيل مسار الحياة العامة». وأضاف: «أعتقد إذا ما توترت الأوضاع السياسية في تركيا، وازداد الضغط على حكومة أردوغان فستنعكس الحالة سلباً على مسار الثورة السورية، وليس على السوريين المقيمين في تركيا فقط». وتؤوي تركيا أكثر من نصف مليون سوري وفق تقديرات غير رسمية، يعيشون في مخيمات أنشأتها الحكومة، وفي المدن التركية، وأعلنت إدارة الطوارئ والكوارث في رئاسة الوزراء التركية، في وقت سابق أن عدد اللاجئين السوريين في المخيمات التركية يناهز ال192 ألفاً و800 لاجئ. ونقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن بيان للإدارة، أن هذه المخيمات توزعت على 8 محافظات تركية بواقع 5 مخيمات في هاتاي، و2 في شانلي أورفا، و3 في غازي عنتاب، ومخيم واحد في كل من قهرمان مرعش، وعثمانية، وأضيامان، وأضنة.