قرأت منذ زمنٍ قريب كتاب (كيف تغير قوانين اللعبة) ل د. جيسون فوكس – وهو كتاب قيّم بالمناسبة-، واستوقفتني عبارة يقول فيها: (تعلّم كيف تتقن الإخفاق الآمن)، تساءلت لحظتها: هل توجد في الواقع طريقة توصلنا إلى الإخفاق الآمن؟، وتبادر إلى ذهني فور قراءتي للجملة، أنه إخفاق يشبه هبوط الطائرة، ستهبط شاءت أم أبت، ولكن يجب أن يتم ذلك بأمان وسلاسة عالية جداً، مع كثير من الاحتياطات، وبعدها لا بد لها أن تحلّق من جديد. إن الإخفاق الآمن يا سادة هو فن لا يتقنه إلا قلّة قليلة، هم أولئك الذين يضعون لأنفسهم أهدافا شديدة الوضوح، بنية جادّة لا تقبل الهزل، وإذا كنت تملك - أيها القارئ الكريم - هاتين الصفتين، فأنت مرحّب بك في أرض (الإخفاق الآمن)، وتبقى عليك أن تتبنى ثلاث أفكار رئيسة لتصبح مواطناً صالحاً فيها. أولاً، يجب أن تتخلص من الشعور القاتل المصاحب للفشل والإخفاق، وأن تتبنى مقولة نيلسون مانديلا: (أنا لا أخسر أبداً، فإما أن أربح أو أتعلم)، وتذكر دائماً (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيرا)- سورة النساء 19. ثانياً، لا تستمر في قاع الإخفاق طويلاً، امكث في تلك المحطة قليلاً، وتأكد أنها فترة تأمل ومراجعة لرحلة سيرك، فالفشل كما يُقال، لوحة تنبهك أنك أخطأت الطريق، وليست علامة إنذار للتوقف عن السير، لذلك، أحسن لنفسك، واستمر في مجاهدتها، مع عدم اليأس ما استطعت، فالله يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)-سورة العنكبوت 69. ثالثاً، انهض وأنت مستعد للتحليق، وتوقف فوراً عن النهوض بتكاسل وفق أهوائك، كن صادقاً في تحقيق هدفك، فقوة عزيمتك وحدها من سيحدد نجاحك من عدمه، يذكر أنه قيل ليحيى بن معاذ: (من أصح الناس عزماً؟ قال: الغالب لهواه). تلك الأفكار الثلاث، هي زادك في رحلة تحقيق الأهداف، والآن، هل عرفت كيف تُخفق بأمان؟