حتى اليوم، ما لم يتغير مستقبلاً، لدي قناعة كاملة في أن البديل التقني سيحل مكان البشر في كل الوظائف، جميعها تماماً، بالتأكيد لن يحدث هذا غداً، أو الشهر المقبل ولا حتى بعد سنوات قريبة، لكنه سيحدث، إذا ما استمرت الفتوحات التقنية على نهجها الحالي، وبذات التسارع والجرأة. في نفس الوقت، لن تكون هناك استثناءات، وهذا ما يجب أن نستوعبه جميعاً. ولكن، حتى نصل لهذه المرحلة، سنمر قبلها بتقلبات وظيفية، يتم من خلالها الإحلال والاستبدال، حيث تؤكد بعض التنبؤات أنّ حوالي 2 مليار من الوظائف - 50 % من العدد الكلي - ستنقرض بحلول العام 2030، وأيضاً، تقول بعض الدراسات إن 60 % من وظائف المستقبل لم تُخترع بعد. وفقاً لبعض التقارير الحديثة، من أهم الوظائف المتوقع ولادتها قريباً: حرفي طباعة Printing Handyman، موازن الجراثيم Microbial Balancer، مدير وفيات رقمي Digital Death Manager، مستشار في الإنتاجية Productivity Counselor، اختصاصي معالجة التسمم التقني Digital Detox Therapist، اختصاصي تمويل جماهيري Crowdfunding Specialist، استشاري خصوصية Privacy Consultant، مسؤول أرشيف سجلات الحياة الشخصية Personal Life Log Archivist، مدرب حب المعرفة والاستكشاف Curiosity Tutor. وأظن أن غيرها كثير، ولكل واحدة منها تفاصيل وتفرعات، وعوائق. مهم جدا أن أشير لتقرير قرأته قبل أشهر، يقول إن علماء وخبراء في الذكاء الاصطناعي يعكفون على تطوير آلات يمكنها قراءة الدماغ البشري، وهو ما كان قديما حلما أصبحت بوادر تطبيقه حقيقة في عصرنا الحالي. ويعمل العلماء على الجمع بين عمليات مسح الدماغ الأكثر تعقيدا والذكاء الاصطناعي، من أجل إنتاج أدوات يمكنها تتبع أفكار الإنسان، وفق ما يقول "جيري كابلان"، الباحث في مجال التأثير الاجتماعي والاقتصادي للذكاء الاصطناعي. ويقول كابلان، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة ستانفورد بالولايات المتحدة: "عندما أصبح استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي شائعا في الثمانينات، مكن ذلك العلماء من التعرف على الدماغ بطريقة لم يسبق لها مثيل". ويضيف كابلان، في مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن هذه التقنية أتاحت للعماء رؤية أنسجة المخ الرخوة بالتفصيل، وقدم الرنين المغناطيسي لمحة لا تقدر بثمن لمساعدة المرضى الذين تضررت أدمغتهم. وأنا أفكر في خاتمة المقال، تذكرت بيت شعر للأمير خالد الفيصل، أظنه يشرح ما يحدث جيداً: يا زمان العجايب وش بعد ما ظهر كل ما قلت هانت جد علمٍ جديد! والسلام..