جاءت "مبادرة فرجت" لتثبت تلاحم المجتمع، التي تتيح تقديم المساعدة للمتعسرين مالياً، وتمنح أهل الخير فرصة الوقوف معهم لسداد ديونهم وفق خصوصية ومصداقية عالية، عبر برنامج "أبشر"، الذي من خلاله يتم توحيد الجهود للسداد في منصة رقمية واحدة. وأكد مختصون في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، ريادة المبادرة التي تعتبر خيرا وبركة، وميلادها في شهر الخير رمضان الماضي، مُشددين على أهمية دراسة حالات المعسرين بدرجة عالية من المهنية، التي تجعلهم يفرقون بين الحالة المتعسرة والأخرى التي تحاول أن تستفيد من تعاطف أهل الخير دون حق. مبادرة الخير وقال د.محمد الشهراني - أستاذ الاقتصاد المساعد في كلية الملك خالد العسكرية وزارة الحرس الوطني-: إن المساهمة في تفريج الكربات هو من أجل الأعمال التي حث عليها ديننا الحنيف، وحكومتنا - أعزها الله - وشعبنا المعطاء بكل أجناسه مبادر دائماً لأعمال الخير، مضيفاً أنه تباشر الناس في شهر الخير بخبر إطلاق مبادرة فرجت من قِبل وزارة الداخلية عن طريق برنامج أبشر، وهذا ما كنا نحتاج إليه لنتماشى مع رؤية 2030 عبر استخدام التقنية والطرق الشرعية للحد من النصب والاحتيال، وللحد من استغلال مشاعر الناس بالطرق غير الرسمية، ورأينا كيف كانت المبادرة حديث المجالس في شهر رمضان، وكيف كان الناس فرحين بهذه الخدمة، وكيف تهافتوا لفك كرب بعض المساجين، وهذا إن دل فإنه يدل على تعطش أفراد المجتمع لفعل الخير، وفك الكربات، حيث كانوا يبحثون عن الطرق النظامية والشرعية الآمنة، مبيناً أنه من إيجابيات هذه الخدمة أنها أشركت المجتمع بجميع فئاته وأجناسه في فعل الخير، ومد يد العون لمن سجن في قضايا مالية ولم يستطع سداد دينه، وكذلك من المزايا أيضاً أن "فرجت" خدمت كل الجنسيات وليس المواطنين فقط، بل سمعنا وقرأنا أنها خدمت أكثر من 25 جنسية، وتم الإفراج عنهم بعد سداد ديونهم، حيث إن بعض إخواننا المقيمين مدينون بمبالغ بسيطة، ولكن لا يستطيعون سدادها، والبعض الآخر مقطوع عن إخوته وأهله وأصحابه، وليس له أحد يفرج كربته إلاّ الله، مؤكداً أن مبادرة فرجت كان لها الفضل - بعد الله - في تفريج كرب المتعسرين، ما أدى إلى نقل الفرحة إلى أهليهم وذويهم وعودتهم إلى أعمالهم وأهليهم. تقليل الاحتيال وأوضح د.الشهراني أن من الإيجابيات أنها قلّلت من نسب الاحتيال في المملكة وخارجها؛ لأنه كان يُحتال على المتبرعين في ظل صعوبة الحصول على المعلومات الكافية عن السجناء، حيث كانت الأموال تدخل في حسابات خاصة ولا يُعلم أين تذهب هذه التبرعات، مضيفاً أن من إيجابيات المبادرة أنها أعطت الناس الثقة لمساعدة الآخرين بأي مبلغ من دون الخوف في أن يقعوا في فخ النصب والاحتيال، إلى جانب أن بعض الناس كان لا يستطيع أن يتبرع بمبالغ كبيرة، وكان يتحرج بالمشاركة بمبالغ بسيطة، ولكن مع مبادرة فرجت أصبح الوضع آمنا والكل يستطيع المشاركة بأي مبلغ قليلاً كان أو كثيراً من دون كشف هويتهم، وهذا يعطينا فائدة أخرى، وهي أن المشاركة في مبادرة فرجت لا يدخل فيها الرياء والتفاخر ولا المن في العطاء، وإنما ابتغاء وجه الله ورضاه، لافتاً إلى أنه اقتصادياً نعلم أن المساعدة على سداد سجناء القضايا المالية سيساعد على خروج هذه الفئة وعودتهم إلى أعمالهم وتجارتهم، ما ينشط الاقتصاد، ويزيد نمو الإنتاج عموما، مقترحاً أن تكون هناك دراسة لمعرفة أسباب تراكم الديون بمبالغ عالية على بعض الأشخاص، وأهمية سن القوانين الرادعة للإقراض والاقتراض، لعدم تكرار ما حدث، ولكيلا تستغل هذه المبادرة من بعض النفوس الضعيفة؛ لأننا سنجد من يبحث عن بعض نقاط الضعف لكي يستغلها في غير ما وضعت له. أولوية الفقراء وتمنى د.الشهراني أن ينظر في وضع من هم خارج السجون ولديهم ديون وضوائق مالية، والأسر الفقيرة المتعففة، والأفراد المتعففين، وكبار السن والمنقطعين الذين ليس لهم عائل أو دخل، حيث إنه من الممكن استخدام التقنية للحصول على بياناتهم بالتعاون التكاملي بين القطاعات المختلفة، مثل أبشر وحساب المواطن ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية والجمعيات الخيرية؛ لأنهم شريحة مهمة، وهي لها حق علينا أيضاً، متمنياً مرةً أخرى إظهار بيانات أكثر عن حالة السجين ووضعه وأسباب هذه المديونية التي تراكمت عليه؛ لأن المتبرع يتمنى أن يفرج الكرب عن أصحاب الأولويات من المتعففين، أو الفقراء، أو رب أسرة فقيرة، أو عائل أحد أصحاب الاحتياجات الخاصة مِمَن لم تساعدهم الظروف وأصبحت نهايتهم بالسجن بسبب قلة ذات اليد، لا عمن دخل السجن بسبب مغامرات وتجارة غير محسوبة ومتكررة، مؤملاً أن تستمر هذه المبادرة وتطور وتضم الشرائح الأخرى من غير السجناء، وأن يصبح العمل عملاً تكاملياً بين الوزارات والجمعيات والإدارات الحكومية؛ لكي نصل إلى أهدافنا السامية بطرق شرعية وسهلة وآمنة. فكرة ناجحة وتحدث د.عبدالله المغلوث - عضو اللجنة السعودية للاقتصاد - قائلاً: إن مبادرة فرجت فكرة ناجحة، وتخدم الفئات المحتاجة في المجتمع، الذين تعرضوا لقسوة الظروف، والمساعدة واجبة في هذه الحالة، مضيفاً أن طرح فكرة فرجت يتطلب توعية وثقافة أفراد المجتمع عبر خطب الجمعة ممن يرغبون في التواصل مع المعسرين، من خلال التقنية وبشكل إجرائي وأكثر نظاماً حتى لا يتم اختراقه أو الإساءة له، وحتى يكون لدى المواطن الوعي الكافي وعدم الانجراف وراء العاطفة دون تيقن من الحالة، مؤكداً أن التقنية لعبت دوراً كبيراً للاستجابة للمعسرين، سواء من حيث السرعة أو التنفيذ، لكن ينبغي أن يكون الاختصاصيون الاجتماعيون على وعي تام بدراسة الحالة والتأكد من مدى حاجتها. وأوضح إحسان طيب - مهتم بالشأن الاجتماعي - أن مبادرة فرجت يمكن وصفها بالرائعة، مبيناً أن وسائل التقنية الحديثة أسهمت في الوصول إلى الهدف الذي أنشئت من أجله، حيث أتاحت الفرصة للمبادرين الراغبين في مد يد العون للمعسرين لمن ضاقت بهم الظروف بتوصيل معلوماتهم بدقة وثقة؛ لأنها تصل من جهات رسمية ومعتمدة لتبعد الشكوك عنهم، ذاكراً أن كل مبادرة في بدايتها قد تحتاج بعض النصائح بعد فترة من استخدامها، ولعل من أبرز الملاحظات المتداولة بين الناس أن يتحرى الاختصاصي الاجتماعي الدقة والمصداقية في نقل معلومات الأسر التي تطلب المساعدة للمبادرين من أهل الخير، لذلك يجب أن يتم اختيار الباحثين وفق اشتراطات عالية من المهنية بحيث تذهب المعونة إلى المستحقين، لافتاً إلى أن من أهم مزايا المبادرة سرعة اتخاذ القرار ووصول المساعدة في الوقت المناسب لمستحقيها. د.محمد الشهراني د.عبدالله المغلوث إحسان طيب