قطعت رؤية المملكة 2030، وبرامجها المنبثقة منها، مراحل متقدمة من التطوير والتحديث بما يتفق مع المتغيرات العالمية وتوجهاتها المستجدة التي تتطلب التكيف معها دون المساس بالمرتكزات والأهداف الرئيسة في ظل مرونة الرؤية، وفق ما أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بأن "أي خطط استراتيجية لا بد أن تخضع لتحديث وتعديل وفق الظروف والمعطيات التي تظهر عند التطبيق، من دون الإخلال بركائز الرؤية ومستهدفاتها". وعندما كشف ولي العهد مدى تدني أداء قطاع التعدين بالمملكة وإعاقته بسبب البيروقراطية في تعدد الجهات الحكومية المشاركة في منح التراخيص والتي أدت إلى تعقيد الأعمال وصعوبة استخراج الرخص وأسهمت في عدم التطوير السريع لمنظومة التعدين، كان سموه يأمل برؤية مرنة لقطاع التعدين تتكيف مع تطورات القطاع على المستوى العالمي وقابليتها للتطوير، وتم بالفعل إعادة هيكلة وتطوير قطاع المعادن في المملكة بنجاح في أولى الخطوات التي تستهدف الاستغلال الأمثل لثروة البلاد المعدنية الطبيعية والصناعية لتحقيق نحو 100 مليار ريال سنوياً من قطاع المعادن في 2030 وتوفير 90 ألف وظيفة، في ظل ضخ الدولة تكاليف باهظة تزيد على 130 مليار ريال في مشروعات البنية التحتية والتجهيزات الأساسية في مدينة رأس الخير حاضنة قطاع المعادن والتي تشهد حالياً تنفيذ مشروع توسعة مصهر الألمنيوم والذي سيجعل المملكة من أكبر عشرة منتجين للألمنيوم في العالم بتكلفة إجمالية بقيمة 13,1 مليار ريال ( 3.5 مليارات دولار) وسيوفر هذا المشروع آلاف الوظائف ويعزز بناء صناعات تحويلية لمنتجات الألمنيوم في مدينة رأس الخير. وتطلبت الرؤية، حينما نجحت شركة معادن في إنتاج خام الألمنيوم الذي يشكل النواة الأساسية لقيام صناعة السيارات ووسائل النقل المختلفة في مدينة رأس الخير الصناعية، تطلبت البدء بجذب الشركات العالمية المتخصصة في تلك الصناعات وتشمل قطع غيار السيارات والطائرات وعربات السكك الحديدية حيث تطورت الخطط لبناء مصانع لتجميع المركبات وخاصة السيارات ضمن مشروعات منطقة الصناعات التحويلية في رأس الخير. فيما بلغ حجم الاستثمار في منظومة تعدين الألمنيوم أكثر من 135 مليار ريال تشمل سكك الحديد، ومحطة الكهرباء، ومدينة رأس الخير، ومدينة وعد الشمال في شمال المملكة التي بدأت مشروعاتها الإنتاج التجاري.وتدرس الآن عدة شركات عالمية مهتمة في صناعة مركبات وسائل النقل والصناعات التحويلية الأخرى خططاً حول إقامة مصانع مشتركة أو بملكية منفردة 100 % ضمن الاستثمار الأجنبي المباشر في رأس الخير ترتكز على وفورات الألمنيوم المصهور بأشكاله المتعددة التي تتضمن سبائك الألمنيوم التي يتم تحويلها في مصنع معادن للدرفلة لصفائح ألمنيوم تستخدم في تصنيع علب المشروبات والأغذية وهياكل السيارات من مجمع معادن للألمنيوم الأكثر كفاءة على مستوى العالم والأكبر حجماً واستثماراً ضخت معادن من أجله استثمارات كبيرة بلغت تكلفتها 40.5 مليار ريال.في حين أن السياسات التي أقرها برنامج التحول الوطني 2020 والرؤية 2030 لإعادة هيكلة قطاع التعدين المتأخر في تقدمه ونتائجه التي لا ترتقي لحجم ثروات البلاد الهائلة من المعادن النفيسة قد عجلت بحراك سريع ونتائج ملموسة وتخصيص أضخم ميزانية لنشاط الاستكشاف التعديني في تاريخ التعدين السعودي منها اعتماد شركة معادن إنفاق 253 مليون ريال في 2019 لنشاطات الاستكشاف ضمن الرخص التي حصلت عليها سابقاً في المناطق النائية والواعدة في عدد من مناطق المملكة، ويمثل هذا الرقم أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الإنفاق السنوي للاستكشاف والتنقيب مقارنة بالسنوات الماضية. وتشدد الاستراتيجية المطورة على زيادة مساهمة سلاسل القيمة المعدنية في الناتج المحلي الإجمالي المباشر وغير المباشر والمستحدث من 64 مليار ريال إلى 188 مليار ريال بحلول العام 2030، أي بمقدار نمو يمثل حوالي 124 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي، وخفض صافي واردات المملكة من المنتجات المعدنية بأكثر من 19 مليار ريال بحلول العام 2030، وزيادة صادرات الأسمدة والمركبات الكيميائية غير العضوية، بالإضافة إلى إحلال واردات المنتجات الفلزية، مثل الألمنيوم والمعادن الأساسية الأخرى، وزيادة إيرادات الدولة السنوية من القطاع من 4,5 مليارات ريال سنويًا لأكثر من 15 مليار ريال بحلول العام 2030.