في كل احتفالية فوز لأي عمل إبداعي يتكاثر الجدل وتعدد الآراء حول العمل الفائز ورواية "سيدات القمر" للكاتبة العمانية جوخة الحارثي، التي فازت ترجمتها الإنكليزية أخيراً بجائزة "مان بوكر" كان لها نصيب من الجدل وبما أن الرواية فازت بترجمتها الإنجليزية كان هذا الحوار مع المترجم العماني أحمد حسن المعيني الذي يتحدث عن تفاصيل الرواية في نسختها المترجمة: * رواية سيدات القمر للروائية جوخة الحارثي التي صدرت عام 2010 كانت رواية مغمورة لم تلفت انتباه القارئ الخليجي وفجأة تترشح للقائمة القصيرة في جائزة المان البوكر ثم تفوز بها، في تصورك كمترجم ما هو سر فوز هذه الرواية بتلك الجائزة؟ * روايات كثيرة في العالم العربي لا تلقى ما تستحقه من رواج، وهذا له أسباب كثيرة تتعلق بالثقافة ونشاط الصحافة الثقافية وأدوات التسويق والعلاقات الشخصية وغير ذلك، وفي الجهة المقابلة هناك روايات كثيرة رائجة لكنها لا تفوز بأية جوائز. ما أريد قوله هنا هو أنّ الرواج في حدّ ذاته ليس معيارًا للجودة في الأدب، والأمثلة على ذلك كثيرة. على أنّ "سيدات القمر" لم تكن مغمورة تمامًا؛ فقد حظيت بقراءات نقدية وإشادة داخل عُمان وخارجها، كما أنها فازت بجائزة أفضل إصدار أدبي عماني عام 2010م، لكنها مثل روايات عربية كثيرة غيرها لم تجد ذلك الانتشار الشعبي الواسع الذي قد تحصل عليه أعمال كثيرة أقل جودة منها بكثير. ليس هناك سرّ في فوز الرواية؛ فهي بمجرد أن تُرجمت إلى الإنجليزية وصدرت في العام الماضي أصبح لها فضاء ثقافي جديد ودائرة تلقّي مختلفة، وأصبح بإمكانها التنافس في جائزة أخرى وفازت بها لأنها تستحق. * الكثير يرى بأن النسخة الإنجليزية من رواية سيدات القمر تختلف عن النسخة العربية وأن الترجمة لعبت دورًا كبيراً في هذا الفارق سواء على المستوى الفني أو حتى في الترجمة اللغوية فهل توضح للقارئ عن أبزر الإضافات التي جاءت في النسخة الإنجليزية؟ * لا أدري ما إذا كان من يقول هذا الكلام قد قرأ النصّين أصلًا، فالفروق بينهما فروق شكلية أو تحريرية طفيفة. المترجمة لم تحاول مثلًا إنتاج لغة زخرفية برّاقة، أو أعادت ترتيب الأحداث، أو تدخّلت في السرد. ما فعلتْه هو أنها أجادت إعادة إنتاج النص بلغة أخرى، مع بعض اللمسات التحريرية مثل وضع عناوين للفصول أو البدء بفقرة جديدة حين ينتقل السرد فجأة كي لا يرتبك القارئ. صحيح أنّ هذه اللمسات كانت إيجابية برأيي، إلا أنه من الإجحاف القولُ بأنها رفعت المستوى الفني للرواية. * هل ترى بأن تغيير عنوان الرواية مناسب؟ وهل دلالة العنوان باللغة الإنجليزية يختلف جذرياً عن عنوانها بنسختها العربية؟ * وفقًا لأحد الحوارات التي نُشرت للمترجمة، فقد أشارت إلى أنّ العنوان جاء نتيجة نقاشات عديدة مع المؤلفة، وأجدني أتفق مع تغيير العنوان لأنه لا يحمل الدلالات نفسها إن تُرجم حرفيًا إلى الإنجليزية. ولعلّ في فصلٍ من فصول الرواية ما يبرّر العنوان الإنجليزي، ورغم أنّ الدلالات التي يحملها الاسم العربي ستظلّ غائبة، إلا أنّ الاسم الإنجليزي يحمل دلالاته الجديدة أيضاً. * في مسألة التلقي هل ما زال القارئ الإنجليزي يبحث عما يعتقده بسحر الشرق في الروايات العربية؟ أم هناك عوامل أخرى قد تجذبهم للقراءة ومنها القيمة الفنية لتلك الرواية؟ - ربما لا يزال القارئ الغربي متأثرًا بعض الشيء ببقايا الاستشراق، ويستمتع بما يسميه "سحر الشرق" المختلف عن عالمه، لكنّه مع دور النشر الأجنبية في العموم أقلّ انجذابًا إلى الروايات المترجمة. لذلك حين يختار رواية مترجمة ويشيد بها، فلا بد أنه قد وجد فيها قيمة فنية تستحق. * من خلال ردود فعل القراء يتضح أن مترجمة رواية سيدات القمر تدخلت وعدلت في النص الأصلي. بينما المترجم العربي يكتفي بترجمة النص دون أي تدخلات فنية في النص، هل ترى بأن هذا الأمر يعود إلى أن المترجم الإنجليزي لديه خبرات سردية يفتقدها المترجم العربي بشكل عام؟ إن استثنينا التعديلات المتعلقة بالشكل، فلا يوجد تدخل أو اختلاف بين النص الأصلي والترجمة فيما عدا اللغة وما تتطلبه من تغييرات لغوية. الأمر الذي أحسنت فيه المترجمة هو أنها لم تكن حرفية مثل بعض مترجمينا، وإنما مترجمة محترفة تفهم جيدًا معنى الترجمة. من جهة أخرى لا بدّ من الإشارة إلى أنّ عملية النشر في الغرب مؤسسية تمرّ بعدة مراحل، فبعد المترجم هناك محرّر أدبي يدقّق في النص جيدًا ويحرص على أن يكون متماسكًا وممتعًا وسلساً. * كقارئ بأي نسخة استمعت في قراءة الرواية.. النسخة العربية أم النسخة المترجمة؟ * كقارئ أنا متحيّز دائمًا (بوعيٍ أو دون وعي) إلى اللغة العربية، لذلك استمتعتُ أكثر بالنص العربي طبعًا. لكنني كمترجم كنتُ مستمتعًا جدًا كذلك بقراءة الترجمة ومقارنتها بالأصل.. المترجم العماني أحمد المعيني