نسمع كثيراً عن وجود أشخاص عندهم المقدرة على رؤية النجوم في ظهيرة يوم شتوي أو صيفي شديد الحرارة. وتثبت الكثير من الشهادات والروايات وممن نثق فيهم حقيقة مقدرتهم على رؤية النجوم أثناء النهار قبل خمسين أو ستين عاماً مع وجود أجواء صافية ونقية وسلامة نظر لم يتأثر بالملوثات ومصادر الإشعاع وفي هذا الصدد يروي لنا الرحالة الإنجليزي داوتي أثناء رحلته لجزيرة العرب في العام 1876م ضمن كتابه ترحال في صحراء الجزيرة العربية تأكيداً من الدليلة الذي رافقه محمد النجومي أثناء وجوده في خيبر مقدرته شخصياً مثل أحد أشقائه على رؤية النجوم منتصف النهار ما ساعده على جعله واحداً من أمهر الرماة وأكثرهم مقدرة على اقتناص طرائد الصحراء، حيث تقترن قوة النظر دوماً بمهارة التصويب واقتناص الطرائد من مسافات بعيدة وعلى قدر مسافة مرمى البندقية. كان محمد النجوم وفق رواية داوتي رام بمعنى الكلمة وعند ما وصلوا في صباح أحد الأيام إلى منطقة تسمى البئر وكانت بندقيته الفتيل بصحبته كان هناك ثلاثاً من طيور البر شديدة الحذر يقعن على فرع شجرة سدر بعيدة فأراد النجومي أن يختبر قوة نظره، وعما إذا قد تناقص مع تقدمه في السن لكنه عند ما صوب بندقيته صوبها طارت عدى واحداً بقي في مكانه تداركه بالضغط على زناد البندقية ذات الطلقة الواحدة فأصابه رغم المسافة الهائلة، ولتعزيز تأكيده وضع عظمة بيضاء بحجم راحة اليد على جدار مبنى طيني مهجور ثم تراجع نحو مئة خطوة وجلس كما يجلس الرماة ليفتح نار بندقيته على النيشان الذي أصابه بدقة عند نقطة المنتصف وفي تحد ناجح فتح النار مرة ثانية على العظمة المخرومة لتمر الرصاصة بدقة متناهية من نفس ثقب الرصاصة الأولى وتنفذ بحدوده تماماً وهي مهارة قل من يستطيع تنفيذها وبوجود بندقية متواضعة حتى من قبل قناصة تلقوا تدريبات عسكرية لدى الغربيين وببنادق أكثر حداثه. عند نهاية الفصل المثير أعطى محمد النجومي الطائر لبعض الخيابرة الذين جذبهم صوت بندقيته. وشب القرويون نارًا في بعض جريد النخيل رموا الطائر الأسود بريشه في اللهب ثم تقاطعوا لحمه والتهموه قبل الاستواء. أثناء ذلك تطرق النجومي لأنواع مفضلة من الصيد في جزيرة العرب وذكر غزال النفود الصغير الذي لا يشرب الماء مطلقاً ويسمى «العفري». وعن غزال الحرة والذي يشرب الماء وحجمه أكبر من العفري والمسمى «الآدمي» ويستطيع الغزال الوليد من هذا النوع والذي لا يتجاوز عمره الثلاثة أيام أن يسبق الإنسان المتعافي في الجري. كذلك البدون كبيرة الحجم وذوات القرون في الحرة وقد اصطاد النجومي واحداً منها في العام الماضي وصل طول قرنها إلى خمسة أشبار فاحتاج حينها إلى أربعة من الرجال لمساعدته على حملها وبالكاد استطاع هؤلاء نقل طريدتهم الضخمة إلى خيامهم. كان محمد النجومي وفقاً لداوتي يتميز بقدرة على الرماية لا تتأتى إلا لصاحب بصر غير عادي الأمر الذي كان يمكنه من رؤية النجوم في فترة الظهيرة في كثير من الأحيان, وأكد لداوتي أن أخاه أيضاً يستطيع رؤية نجوم النهار مثله، وأن هناك عدداً كبيراً من الناس يرونها. وبين أيضاً لداوتي أنه شاهد في بعض اللحظات ثلاثة أو أربعة نجوم صغيرة تدور حول واحد من النجوم الجوالة (أقمار المشتري) سأله بعد ذلك ألم ير مطلقاً نجماً جوالاً يشبه القمر؟. قال: حسناً لقد رأيت نجماً لم يكن مستديراً دوماً, وإنما كان يشبه نصلاً معلقاً في السماء. وعلق داوتي: لو كانت تلك الرؤية متوفرة لناظري النجوم الأوروبيين لما انتظرت الأجيال المسيحية اختراع تلسكوب «جاليليو! (لوضع حجر الأساس الأول – من بدون استعمال الأيدي – لصرح علومنا الذي يستعصي على الدمار). كان محمد النجومي يرى القمر كبيرًا دوماً' كما كان يراه كله دفعه واحدة. وعندما كبر هذا الرجل صار يعاني من طول النظر. مهارة اقتناص الطرائد من مسافات