كثر الحديث عن السيارات الكهربائية التي تتخذ الطاقة الكهربائية وقودًا لها، وأهمية إحلالها بديلا للتقليدية. وهناك اعتقاد سائد لدى العامة بأن تلك النوع من السيارات تعد الحل البيئي الأمثل، لأنها تعمل بالكهرباء بدلًا من الوقود الأحفوري الضار، ما يجعلهم يؤكدون أن استخدامها ليس ضارا بالبيئة. ولكن هذا الاعتقاد يفنده كثير من الحقائق، فقد سبق وأن تداولت بعض وسائل الإعلام خبرا غريبا من سنغافورة، مفاده أن الحكومة هناك أصدرت غرامات مالية كبيرة على عدد من أصحاب السيارات الكهربائية، وذلك بعد أن تسببت سياراتهم في تلويث البيئة بطريقة غير مباشرة مرجعين أنها تستهلك المزيد من شحن الكهرباء. وتؤكد دراسات حديثة أن السيارات الكهربائية قد تسهم فعلا في تلوث البيئة وتسبب ضررا أكبر على الصحة العامة مقارنة بتأثير السيارات التقليدية. ولكن هذا لا يمنع أن نعترف بأن السيارات الكهربائية باتت تقنية حديثة ومتقدمة وسريعة التطور والانتشار، وقد تسهم الأبحاث حول صناعتها بمعالجة الثغرات التي قد تؤثر على جودة المناخ وتحسين جودته. دراسات وخبراء في أحد المعارض الدولية للسيارات الكهربائية الذي نظم في كوريا الجنوبية وشارك فيه خبراء وشركات معنية بصناعة السيارات الكهربائية، تم طرح العديد من المشكلات التي تعاني منها صناعة السيارات الكهربائية ومنها: حقيقة أن السيارات الكهربائية، ملوثة للبيئة بل ولها أضرار على الصحة أكثر من السيارات التقليدية، في الوقت الذي تشجع فيه الكثير من الدول على انتشارها خصوصا داخل المدن وتهيئة البنية التحتية اللازمة لها وتعديل القوانين المرورية لصالحها على اعتقاد أنها الأفضل في حماية البيئة والحد من التلوث. وأنها بالفعل لا يصدر عنها أي عوادم، لكن في نفس الوقت يرى آخرون أنها تستهلك الكهرباء بقدر كبير، من خلال شحنها من محطات توليد الكهرباء بشكل أكبر لتوليد الطاقة الزائدة المطلوبة لها، وبالتالي تزداد نسبة تلويث المحطات للبيئة بالعوادم وثاني أكسيد الكربون المنبعث منها، ولذلك تعتبر السيارات الكهربائية سببا غير مباشر في زيادة تلوث البيئة. وتشير تقارير إلى أن السيارات الكهربائية بالفعل لا تنتج عادما، ولكن الأمر يتطلب الأمر مزيدا من الدراسات بشأن انبعاثات الجسيمات الدقيقة من بطارياتها وأثرها على البيئة والصحة العامة. كما تشير الأرقام الإحصائية إلى أن نسبة 85 % من الطاقة الكهربائية تعتمد في الأساس على الوقود الناتج عن احتراق الموارد الطبيعية. التخلص من بطارياتها وهناك مخاوف بيئية حول استخدام الأراضي المرتبطة بتعدين الليثوم، كما أن العناصر المستخدمة في إنتاج البطاريات محدودة العرض، ولا توجد طريقة آمنة بيئيا لإعادة تدوير بطاريات الليثيوم. كما أن الطاقة التي يتم توليدها لتشغيل السيارات الكهربائية تتسبب في زيادة معدلات جزيئات التلوث على نحو يفوق ما يصدر عن مثيلاتها من السيارات التقليدية. كما كشفت دراسة أن جزيئات التلوث الدقيقة هذه تنشأ من احتراق وقود الموارد الطبيعية المستخدمة في توليد الطاقة الكهربائية، وأنها تحتوي على مواد حمضية، ومواد كيميائية عضوية، وبعض المعادن، وجزيئات من التراب أو الرماد. مؤكدة أن الانبعاثات المحترقة من السيارات الكهربائية تظهر التلوث في المناطق التي يتم فيها توليد الطاقة الكهربائية، وليس في الأماكن التي تسير فيها تلك السيارات. وقد تحدث مع تزايد أعداد السيارات الكهربائية وجود مشكلة في تراكم بطارياتها التالفة، ما يستوجب استحداث طرق للتخلص منها حتى لا يمثل بقاؤها عبئا على البيئة، لأن بطارية السيارة الكهربائية يستلزم تغييرها في حدود عشر سنوات تقريبا، ما سيترتب عليه مشكلة بيئية معقدة تضاف إلى قائمة المشكلات البيئية التي تواجهها البشرية حاليا، لأن بطاريتها معقدة الصنع، ويحتاج إنتاج السيارة الكهربائية للعديد من المعادن مثل: النحاس والكوبالت والنيوديميوم النادر، والذي يتم استخراجه بعمليات لا تخلو من خروقات في حقوق الإنسان والإضرار البيئي. «الكهربائية» في السعودية ومع انتشار السيارات الكهربائية في العالم فمن المؤكد أن الأبحاث لن تتوقف لتطويرها وجعلها بالفعل صديقة للبيئة، السعودية ليست بمعزل عن التطور العالمي فهي تبذل جهودا كبيرة لإيجاد بيئة نظيفة في مختلف مناطق المملكة ضمن «رؤية 2030»، من خلال تبني المعايير الدولية كافة المتعلقة بالانبعاثات الصناعية والسيارات ومطابقتها للمقاييس والتي تدعم تحقيق هدف الأممالمتحدة في خفض الانبعاث الكربوني. لذا فبالتأكيد سوف تعمل على أن تكون السيارات الكهربائية هي الأفضل للبيئة من التقليدية. وبدأت بعض المشروعات في المملكة بطلب إنشاء محطات خاصة بالسيارات الكهربائية. وسبق أن أعلنت الشركة التي تنفذ البنية التحتية لمحطات شحن سيارات الكهربائية بالمملكة إنشاء أول محطة في جدة، وسبق أن تم البدء للتخطيط للمشروع منذ الربع الثالث من العام الماضي 2017. وقد أكد نجيب النعيم الرئيس التنفيذي للشركة المتخصصة في مجال التحول الرقمي وإدارة أتمتة الطاقة، إنه تم تنفيذ البنية التحتية لست محطات لشواحن السيارات الكهربائية في المملكة، مرجحا الانتهاء منها خلال الربع الأخير من العام الجاري. مبينا أنه يجري العمل على تأسيس البنية التحتية لعدة مشروعات سكنية ومحطات عامة، متوقعا البدء في مشروعين في الرياض خلال الربع الأخير من هذا العام إضافة إلى ثلاثة مشروعات في المنطقة الغربية في مكةوجدة لمجمع فنادق ولوكلاء سيارات في المنطقة الشرقية في المملكة، وقد تم توفير الصور بالاستعانة بموقع مشروعات السعودية على تويتر. ومن المتوقع أن إنشاء محطات الشحن للسيارات الكهربائية سيمكن وكلاء السيارات في المملكة من عرض وبيع السيارات الكهربائية بشكل تجاري مما سينتج عنه طلب مزيد من محطات الشحن، وهذا يستوجب أن تكون تلك المشروعات خاضعة للخصوصية والأمان ونظام الفوترة ومراقبة استخدام المحطات. فتح الاستيراد وتماشيا مع التوجه العالمي نحو التوسع في هذا النوع من السيارات، تبذل الشركات العالمية جهوداً كبيرة للاستفادة المستقبلية منها على حساب السيارات التقليدية. وقد تم فتح باب الاستيراد للسيارات الكهربائية في المملكة أمام المستوردين، ووفقا لبيانات الهيئة العامة للجمارك تم استيراد عدد محدود من السيارات الكهربائية من اليابان والولايات المتحدة. وكانت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة عندما وضعت المواصفات الخاصة بهذه السيارات، فقد نسقت مع الجهات المختصة وذات العلاقة، المعنية للنظر في تطوير البنية التحتية للسيارات الكهربائية في المملكة، ومنها الهيئة العامة الاستثمار، ووزارة النقل، وهيئة النقل، ووزارة الطاقة والصناعة الثروة المعدنية، ووزارة التجارة والاستثمار، والشركة السعودية للكهرباء، وخلصت الاجتماعات الأولية إلى ضرورة التعاون مع هيئة الاستثمار لدراسة بعض التجارب المقارنة في العالم وفي المنطقة لتجهيز بنية تحتية فعالة ومستدامة ولتفادي التحديات ووضع الحلول الفنية الممكنة. وسيتشجع وكلاء السيارات المعتمدون بالاستيراد بصورة تجارية متى ما تم اكتمال البنية التحتية التي تتضمن محطات الشحن والصيانة وغيرها من المتطلبات الفنية لهذا النشاط من السيارات. وقد وقعت شركة الكهرباء السعودية سابقا اتفاقاً مع شركة طوكيو الكهربائية للطاقة (تيبكو)، وشركة نيسان موتورز لإطلاق أول مشروعاتها التجريبية للسيارات الكهربائية داخل المملكة، وفي الربع الأخير من العام الماضي وصلت سيارات نيسان ليف الكهربائية إلى المملكة لإجراء اختبارات عليها، وذلك بعد أن وقّعت «السعودية للكهرباء» اتفاقية مع شركة طوكيو للكهرباء القابضة، وشركة نيسان للسيارات، وشركة تكاوكا توكو لحلول الطاقة. وذلك ضمن المشروع الذي يهدف إلى تقييم وتطوير هذا التوجه، في ظل استراتيجية الشركة للتوسع في تقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز معايير المحافظة على البيئة، من خلال تخفيض نسبة التلوُّث المصاحب للمركبات المشابهة التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي. ويُعد وصول تلك السيارات خطوة مهمة على طريق نقل التقنيات الحديثة الخاصة بالتوسع في استخدام الطاقة الكهربائية بوجه عام، وتقنيات السيارات الكهربائية بوجه خاص. وتتضمن اللائحة الفنية للاتفاقية تجهيز متطلبات تتعلق بالحماية والصيانة والاستهلاك ومعدات محطات شحن السيارات الكهربائية. وكانت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة قد حظرت قبل حوالي عامين استيراد السيارات الكهربائية إلى السوق السعودي لحين الانتهاء من التعديلات على اللائحة الفنية الخاصة بها. نموذج المحطات الجديدة في شوارعنا الكهرباء بديلة للبترول في شحن السيارات الكهربائية