لو أردنا أن نصف حالة الاستنفار والترقُّب التي تشهدها منطقتنا العربية خصوصاً في ظل الحماقات الإيرانية المتكررة، لوصفناها بحالة «إعادة التوازن الأخلاقي»، حيث يبرز «العدل» كقيمة أخلاقية بات من الضرورة فرضه على سلوكيّات إيران غير السوية، والتي ما فتئت تؤكّد بأنها دولة غير عقلانية، فاقدة لبوصلة رُشدها، لا تُضمر لدول الجوار ولا للعالم بأكمله سوى الشّر والرغبة في بثّ الفتنة والفوضى والفُرقة دونما وازع من أخلاق أو ضمير. ويتّفق الجميع على أنّه آن الأوان للجم غطرستها واستقوائها عبر أذرعتها ووكلائها في المنطقة في تحقيق مآربها الضيقة التي لا تتّسق مع القيم ولا الأعراف الدبلوماسية. وتزداد هذه القناعة في ظلّ نفاد الصبر وسياسة النأي بالنفس التي طالما انتهجتها الدول العربية، خصوصاً دول الخليج العربي التي عانت كثيراً من الإساءات المتكررة ومحاولات الاختراق للحدود والمياه الإقليمية آخرها الاعتداء الذي طال قبيل أيام سفناً تجارية في المياه الإقليمية للإمارات وكذلك الهجوم على محطّتي ضخ نفطيّتين بالمملكة. الاستراتيجية التي تعكف عليها الولاياتالمتحدة الأميركية وحلفاؤها تجاه إيران تأتي في هذا السياق الردعي التأديبي، إذ لا يمكن السماح باستمرار هذا السلوك العدواني الهادف إلى جرّ الدول العربية لحالة من الشتات والتشرذم عبر سياق فوضوي مُعمّم يطال دولنا ويمزّق نسيجها المجتمعي ويهدر الجهود ويفتّت خطوطها الدفاعية. مضت عقود والصلف الإيراني وغوغائية نظامه، وسعيه الدؤوب في تسعير الحروب وتقويض الأنظمة عبر مرتزقتها هي العناوين العريضة للوجود الإيراني وملامحه التي دأب على تكريسها ليس على المستوى الإقليمي وإنما امتدّت للعالم بأسره. تحاول إيران بمنطقها الغوي التوسّعي أن تهيمن على ما حولها إنْ على المستوى العقدي أو السياسي والاقتصادي، وهي أحلام تتجاوز قدراتها وأحلامها بكثير سيما وأنّ المملكة العربية السعودية قادرة -بحول الله- على ردع أي عدوان أو إساءة وكذلك بقية الدول، فتاريخ بلادنا الناصع وعلاقاتنا الاستراتيجية مع العالم بكافة توازناته أثبتت رسوخنا ككيان سياسي صلب لا يقبل المساس بحدوده ومقدراته ومكانته الروحية. وأمام هذا الحصار والعقوبات التي تشهدها إيران ليس أمامها سوى الإذعان وقراءة المشهد بعقلانية -طالما افتقدتها- حتى تخرج من عنق الزجاجة في عالم لم يعد فيه مكان للأشرار وبائعي الأوهام ومروجي وداعمي الإرهاب. فالعالم يرقب المستقبل بعيون ملؤها التفاؤل والعمل لنهضة خليقة بإنسانها وأوطانها.