الأفعال وحدها تجعل للإنسان حياة ثانية يخلدها الأجيال في أحاديثهم وذكرياتهم عندما يتذاكرون أسماء أناس رحلوا عن دنياهم، وبقية أصواتهم ومواقفهم وشخصياتهم حاضرة في الأذهان يستطيعون الرجوع إليها من خلال ما احتوت عليه أيقونة التواصل الاجتماعي، فيشاهدون كلماتهم المرتجلة وتصريحاتهم الملهمة ومواقفهم الشجاعة ودبلوماسيتهم الثابتة المبنية على ثبات المبدأ ومرونة الأداء، مهما تقادم الزمن أو ابتعد المكان وتحولت المتغيرات السياسية فيبقون مدرسة لأجيال الوطن بما يملكونه من الثقة المتناهية بالنفس والحكمة الرشيدة والشجاعة الموروثة عن الآباء والأجداد. في مثل هذه الأيام نستحضر رحيل عميد وزراء خارجية العالم وأستاذ السفراء والدبلوماسيين الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- الذي عمل ما بين الفترة من 1975 إلى 2015م، حيث جعل من عمله كوزير خارجية لأهم بلد إسلامي رسالة يحملها ويؤديها بإخلاص وتفانٍ يحاول أن يبذل قصارى جهده في اتقانها وتطوير مهاراته بتعلم اللغات التي يخاطب بها العالم ليعطي درساً في مفهوم النجاح الوظيفي، وأن المنصب تكليف وأيما تكليف، وهو ما أشار إليه الأمير سلطان بن سلمان في برنامج (من الصفر) بأن معظم أوقات الأمير سعود في الخارج متنقل بين المهام السياسية والدبلوماسية لذا قيل «الموظف يعمل 8 ساعات لأجل الراتب، و10 ساعات لأجل القائد الناجح، و24 ساعة لأجل رسالة يؤمن بها». رحل الأمير سعود وبقيت آثاره ومواقفه وكلماته خالدة في الأذهان والقلوب بمثابة المدرسة الوطنية نستلهم منها مبادئ المثابرة والإخلاص والتفاني شعارها (لا شيء يعدل الوطن) أوقاتنا جهودنا صحتنا نفنيها خدمة ورفع لراية لا إله إلا الله محمد رسول الله، فرحم الله سموه كان وزيرًا فارساً بشواهد الكلمة والموقف، والإنجاز لم يثنه المرض أو التغيرات السياسية حول العالم. ونحن نستحضر هذه القامة الوطنية لابد أن نتفاءل ونثق بأن هذا الوطن مدرسته مستمرة في تخريج القامات الوطنية المخلصة فكل التوفيق والنجاح لمعالي الوزير إبراهيم العساف صاحب الخبرة الطويلة في مجلس الوزراء متنقلاً بين المناصب القيادية الحساسة في الدولة ومع الملوك، وكل أمنياتي بالتوفيق والنجاح لمعالي الأستاذ عادل الجبير الذي وصف نفسه بأنه تلميذ الأمير الراحل سعود الفيصل. حفظ الله قيادتنا ووطننا..