عرف الشعب السعودي والأمة العربية والإسلامية والمجتمع الدولي على مدى خمسة عقود الأمير الراحل سعود الفيصل سياسياً محنكاً، ورجل دولة من طراز نادر، هاجسه الوحيد خدمة دينه ومليكه والأمة بكل إخلاص وتفانٍ. وقدّم الأمير الراحل على مدار مسيرته العملية المتميزة نماذج مضيئة في العمل الدبلوماسي والسياسي، وقاد الدبلوماسية السعودية وبوصلتها التي يرسمها قادته له نحو الأمان والنجاح في جميع المحافل. رحل الأمير الراحل عن دنيانا محفوفاً بدعواتنا له أن يتغمده الله بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته. رحل الأمير المتواضع تاركاً وراءه مدارس متنقلة وإرثاً كبيراً من العمل المضني والأسس المتينة للعمل الدبلوماسي. رحل الأمير المفكّر وهو رمز يُشار له بالبنان في الأمانة والإخلاص والعمل الدؤوب لتحقيق تطلعات قيادته ووطنه. نجح الأمير الفقيد في عكس وترجمة السياسات الخارجية الحكيمة والقيادات السعودية المتعاقبة، ونفذ تعليمات الملوك الخمسة الذين عمل معهم - يرحمه الله -؛ وبالتالي رأت القيادة في شخص سعود الفيصل مهندس السياسة الخارجية، والرجل الأكثر اقتداراً لتولي دفة السياسة الخارجية. إن رحيل الأمير الفيصل خسارة كبيرة، ليس للمملكة العربية السعودية فحسب، بل لدول الخليج العربي والأمتين العربية والإسلامية التي ستفتقده كثيراً. إن السجل الذهبي للأمير الراحل حافل بالإنجازات الوطنية في ميدان السياسة العالمية، وأعطى للمملكة مكانة متميزة في مضمار العلاقات الدولية المبنية على الاحترام والتقدير؛ إذ تميز - رحمه الله - بقدرته على دراسة وتقييم الظروف السياسية، واتخاذ المواقف الشجاعة نحوها. أخيراً، أتقدم بكل الأسى والحزن بأحر التعازي القلبية لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو ولي ولي العهد. كما أعزي إخوة الفقيد وأبناءه وبناته. {إِنَّا لِلّه وَإِنَّا إِلَيْه رَاجِعونَ}.