عندما يفشل الإنسان في ترجمة القيم التي يؤمن بها إلى سلوك فهو يعاني من مشكلة تحتاج إلى مراجعة ذاتية يقيم فيها الإنسان سلوكياته وأخلاقه في أمور الحياة المختلفة. إذا نجح ذاتيا فهذا هو المطلوب، وإن لم يفعل فيجب أن يخضع للأنظمة والقوانين التي يسنها المجتمع لتعديل السلوك المتنافي مع القيم الدينية والضار بالمجتمع. أتحدث هنا عن ظاهرة هدر الطعام التي تزداد سوءا رغم النقد وبرامج التوعية. كميات كبيرة من الطعام يكون مصيرها حاويات النفايات لأنها أصلا كانت زائدة عن الحاجة لكن (الكم) هو مع الأسف المعيار الذي يقاس به الكرم. قيمة هدر الطعام عندنا تقدر بالمليارات، إسراف وتبذير ليس له مبررات دينية أو اجتماعية أو منطقية. هذا الوضع وصل حتى إلى شهر رمضان المبارك. إسراف وتبذير في البيوت، وأصحاب البيوت ينتقدون التبذير في مخيمات (إفطار صائم) المجاورة للمساجد. في هذه المخيمات طعام زائد ينتهي في حاويات النفايات. مشكلة تتكرر وتنتظر الحل. أحد الحلول هو تقديم وجبات فردية مغلفة وإلغاء افتراش الأرض بكميات كبيرة من الطعام زائدة عن الحاجة. في المناسبات بشكل عام، وفي رمضان، يتحدث الجميع عن التبذير والإسراف في الطعام لكن لا أحد يبدأ بنفسه. في حفلات الزواج كميات هائلة من الطعام رغم أن عددا كبيرا من المدعوين يحضرون للتهنئة ثم يغادرون دون تناول طعام العشاء. حقيقة لا ألوم المغادرين لأن العشاء المتأخر غير صحي، وهذه مشكلة اجتماعية وصحية تحدث عنها الأطباء وتأثيرها السلبي على حياة الإنسان في صحته البدنية والنفسية وحياته العملية والاجتماعية. بعد أن طال انتظار الحلول الذاتية لمشكلة هدر الطعام، بدأ التفكير في الغرامات وهو ما تطالب به جمعية إطعام. ولهذه الجمعية دور مهم وإنجازات تستحق التقدير، وهي تقترح ضرورة فرض شرط التعاقد مع جمعيات حفظ النعمة للمطاعم وقصور الأفراح المرخصة من وزارة الشؤون البلدية والقروية، وإلزام المطاعم والفنادق وصالات الأفراح والاستراحات بتعيين مقاول مختص بجمع فائض الطعام بالتعاون مع جمعية إطعام أو غيرها من الجمعيات المرخصة على أن يكون إلزاميا لتجديد الرخصة. هذه الحلول أو المقترحات أو الأنظمة، هل تطبق؟ هل يوجد متابعة وتقييم؟ إذا كانت الإجابة بنعم فلماذا تستمر المشكلة؟ هل نستخدم المدارس والجامعات والفعاليات والمنابر الدينية والثقافية والإعلامية بما يتناسب مع حجم هذه المشكلة؟ في رأيكم لمن يوجه هذا السؤال؟