تعكف شركة «أرامكو السعودية» على ضخ حوالي 635 مليار ريال لاستثمارات صناعات المصب للتكرير والكيميائيات على الصعيدين المحلي والدولي بما فيها صفقة استحواذها لغالبية أسهم شركة «سابك» البالغة قيمتها 260 مليار ريال، وصفقات أخرى ضخمة في الصين بقيمة 37,5 مليار ريال، وفي الهند بقيمة 165 مليار ريال في تحالف ثلاثي عالمي، حيث يتركز معظم الطلب للمصب في الصينوالهند لضخامة الاستهلاك المرتبط بضخامة القوى البشرية في البلدين، فضلاً عن موافقة شركتي «أرامكو» و»توتال» على استثمار بقيمة 3,75 مليارات ريال في شبكة من خدمات الوقود والتجزئة في جميع أنحاء المملكة، قبل أن تقرر الشركتين تشييد مجمع ضخم للكيميائيات بقيمة 18,7 مليار ريال ودمجة بمصفاة «ساتورب» بالجبيل. ويأتي هذا الحراك الضخم الذي تخوضه أرامكو في صناعات المصب في صميم استراتيجيتها لأكبر انفتاح وتحول أشمل لقيادة التنوع الاقتصادي التي تستهدفه المملكة في ظل تقلبات سوق الطاقة العالمي وبيئة انخفاض أسعار النفط مع مستقبل عالمي للطاقة أقل كربونًا يلوح في الأفق. واتجهت الشركة لمشاريع التكامل الرأسي الذي تعتبره استراتيجية مشتركة بين شركات النفط الدولية في وقت عانت صناعة المنبع لإنتاج وبيع النفط خلال فترة ركود السوق، في حين قلت معاناة المستثمرين الذين يتمتعون بمحافظ قوية في صناعة المصب للتكرير والبتروكيميائيات في ظل الميزة الانسيابية والمرونة والقدرة على تحويل الإنتاج إلى أكثر النتائج ربحية. وبالرغم من نجاح شركة أرامكو الكبير في صفقاتها الضخمة المكتسبة في صناعة المصب وأبرزها رفع إجمالي الطاقة الإنتاجية للبتروكيميائيات من 17 مليون طن متري سنوياً حالياً إلى 87 مليون طن سنوياً بعد إضافة طاقات «سابك» بحوالي 70 مليون طن متري سنوياً، إلا أن تلك الصناعات ليست بمنأى عن التذبذب والتقلبات حيث أعلنت «سابك» عن انخفاض أرباحها للربع الأول 2019 بنسبة 38.1 % بسبب انخفاض أسعار البتروكيميائيات. في حين تأتي قوة أرامكو في التقليل من هوامش الربح غير المتنامية أحيانا لقطاع الكيميائيات تحت مختلف الظروف بتمتعها في التحول لتنمية إيرادات القطاع بتحويل النفط الخام مباشرة للكيميائيات مما يخفض تكلفة إنتاج الطن من البتروكيميائيات وبالتالي منح أرامكو السيطرة على منحى الأسعار العالمية وقيادتها وفرص التحكم بالعرض والطلب والمشهد الاقتصادي بأكمله. وهذا ما يفسر خطط أرامكو القوية للحصول على طاقة تكرير وتسويق متكاملة كبرى تصل إلى 10 ملايين برميل يوميًا من حوالي خمسة ملايين برميل حالياً، مع استثمارات كيميائية مخططة تتجاوز 375 مليار ريال في العقد المقبل. في وقت ساهمت الإمدادات النفطية المحلية برفع الطاقة الإنتاجية لمشتقات النفط إلى 1,2 مليار برميل لعام 2018 ما يعادل 3.2 ملايين برميل في اليوم من المنتجات المكررة بزيادة قدرها 8 % مقارنة بعام 2017. في وقت لم تغفل شركة أرامكو هواجس التحولات في مصافي النفط نحو الوقود النظيف منخفض الكبريت وخفض انبعاث الكربون وفق التشريعات العالمية حيث تضخ استثمارات ضخمة في هذا التحول العالمي مدفوعة بقابلية مصافيها للتحول في المعالجة بين أنواع النفط المختلفة وخطط تنفيذ المشروعات الجديدة وفق التنظيمات الدولية مستفيدة من التكامل الرأسي الذي تسعى لتحقيقه والذي يعد مفتاحًا لشركات النفط العالمية للمنافسة والهيمنة.