مرت بنا وتمر بمجتمعاتنا كثير من الأحداث اليومية والتراكمية، ومع هذا تذهب سريعا طي النسيان، ولكن تبقى بعض الحوادث كندوب في الذاكرة، كلما حاولت عوامل التعرية والتراكم الحياتي طمسها تأتي رياح موضوع مشابه لبروزها، وهذا هو حالنا مع بعض العصبيات والتعصب منذ الجاهلية. وقد مرت بمجتمعنا الأسبوع الماضي بعض الأحداث، التي قد يظن البعض أنها عابرة أو غير جديرة بالتوقف، وأقول الأمر ليس بهذه السهولة. فالنفخ المستمر في رماد التعصب الرياضي، الذي يتجاوز حدود المستطيل الأخضر ليصل إلى مرحلة تأجيج المشاعر، وزيادة الشحناء والبغضاء بين الناس إلى درجة أن تجد داخل البيت الواحد خلافا بين الوالدين والأبناء بسبب تشجيع الأندية. نعم وصلنا إلى حالة مرضية خرجت من الملعب، وبدأت تفت في عضد المجتمع، فنتناحر داخل البيت والمدرسة والمستشفى وحتى السجن. إنها حالة ما كان يجب أن تتصاعد؛ فهذا في نظر البعض وصل إلى مرحلة يجب أن تعاد فيها عقارب الساعة لتصبح الكرة جلدا منفوخا، يدور حوله صبية للهو والمتعة والتنافس الشريف، ولا يرقى أن يكون أكثر من ذلك إذا كان التعصب لها سيصيب المجتمع في مقتل. وتزامن مع هذا النفخ الجاهلي ما تم تداوله حول صور وُصِمَت بالعنصرية لما قام به أحد مشاهير تطبيق "سناب شات" في إحدى المناسبات الخاصة بشهداء الواجب.. نعم أخطأ صاحب السناب، ولم يظهر بشكل واضح وصريح للاعتذار. غلطة تسابق كثيرون في تجريم صاحبها، وكان من الممكن أن تمحى باعتذار مبكر. وطالما بقيت الصورة الملغومة تدور وتتضخم، فستبقى في ذاكرة التاريخ. ولعلها كانت مناسبة لتصحيح بعض الصور التي بدأت تستشري في المدارس، وسنعود من خلالها إلى بعض قصص الأحياء العنصرية التي كنا نشاهدها في أفلام العنصرية الأميركية. المسألة ليست حادثة بسيطة، وإنما نقطة في مشروع ثقافي يقتلع تلك الصور التي تنفخ في رماد الجاهلية العنصري ويعرفها كثيرون. فحقوق المواطنة مكفولة في عين الدولة، ويباركها أفراد المجتمع، إذا برزت بوادر شذوذ عن هذه القاعدة، وتم التغافل عنها، فلنعلم أنها دخلت كوشم عار في تاريخنا الحديث، وهي نقطة ضعف، مثل كعب أخيل قد يضربها أحمق من عندنا، فلا يحتاج عدونا إلى سهم لكي يصيبنا من خلاله في مقتل.