يسألني بعض الأصدقاء: لماذا الصحيفة الغربية تلك أو القناة العالمية الفلانية مثلا تهاجم المملكة، وتبحث في كل ملفات مجتمعها بشكل كيدي؟ مثل هذه الأسئلة تحتاج إلى تفصيل، والإعلام الغربي (الأوروبي والأميركي) موجود بلغتنا وفي عالمنا العربي منذ القدم، وهو موظف تابع ضمن أدوات الصراع وقوة التأثير والتغيير الناعمة. ويكفي أن نعرف أن القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانيّة (BBC) بدأ بث برامجه في 3 يناير عام 1938 لمنافسة إذاعة «باري» الإيطالية باللغة العربية، التي بدأت عام 1935 في أوج حكم موسوليني. وقد دعم المستعمر البريطاني إنشاء عدد من الإذاعات العربية، منها الإذاعة المصريّة في القاهرة 1934، وإذاعة بغداد 1936، وقبلها في العام ذاته أسسوا دار الإذاعة الفلسطينية "هنا القدس" موجهة إلى عموم بلاد الشام بإدارة بريطانيّة ذكيّة، اختارت شاعر فلسطين إبراهيم طوقان لإدارة القسم العربي، ثم أسست الخارجية البريطانيّة إذاعة الشرق الأدنى باللغة العربيّة من جنين، ثم من يافا بين عامي 1941 و1957 لتنتقل بعد ذلك إلى قبرص. وتشير وثائق تلك المرحلة إلى أن أقسام الأخبار في هذه الإذاعات بالذات تتم إدارتها من قبل مسؤول إنجليزي مباشرة. وكان لألمانيا "هتلر" صوتها العربي عبر راديو برلين (تأسس عام 1941) ومذيعه الأشهر يونس بحري، واستمر الحال بعد الحضور الأميركي للمنطقة بإذاعات موجهة باللغة العربية، أشهرها صوت أميركا وآخرها قناة الحرة وراديو سوا. وهو الحال ذاته مع روسيا صوت موسكو (بدأ البث باللغة العربية عام 1934)، ومع فرنسا التي بدأت بثها العربي الموجه عام 1939، واليوم تدير مؤسسة France Médias Monde بث عدد من القنوات والمحطات، منها "فرانس 24"، و"إذاعة فرنسا الدولية"، وإذاعة "مونت كارلو الدولية. أما الأميركيون فقد حضروا للمنطقة من خلال وكالة الاستعلامات الأميركية، التي تشرف على بث إذاعة صوت أميركا وغيرها، لتظهر بعدها المحطات الموجهة، مثل قنوات الحرة وإذاعة سوا. ولهذا فإن استقلال وحيادية الإعلام خرافة، فمن يستطيع إنكار أن الصحف البريطانيّة: الغارديان، الإندبندنت، الأوبزرفر هي صوت اليسار الجديد، وأن صحفا مثل الميل والإكسبريس والصن هي سوط اليمين. وهو الحال في أميركا حيث يتخندق اليمينيون وراء فوكس نيوز والواشنطن تايمز وغيرهما، ويرشقهم الليبراليون واليسار عبر CNN وصحف، مثل نيويورك تايمز والواشنطن بوست. * قال ومضى: بعض الصمت قمة الكلام