بحمد الله كان التوفيق حليف رجال أمننا الأبطال في إفشال العمل الإرهابي الذي استهدف مركز مباحث الزلفي خلال الأيام الماضية، ونتج عنه هلاك أربعة من أصحاب الفكر التكفيري الضال في عمليةٍ أعقبها بيوم واحد إعلان رئاسة أمن الدولة عن نجاح عملية استباقية في الإطاحة ب 13 إرهابياً ودحر تخطيطهم الإجرامي لزعزعة أمن وطننا الحبيب. هذه الأحداث المتلاحقة جعلتنا نجدد الفخر والاعتزاز بيقظة أجهزة دولتنا وقدرتها العالية التي عهدناها على مدى سنوات من الإنجازات الأمنية التي حمت الوطن والمواطنين وظلت بالمرصاد لكل تهديد أياً كان شكله ومصدره، كما أنها في الوقت نفسه، تدفعنا للتفكير في الدوافع التي جعلت مجموعة يشكل غالبيتها من الشباب تستمرئ القيام بهذه الأعمال الإجرامية أو تخطط لها، من دون أي ضمير حي تجاه وطنهم الذين يعتدون على استقراره، أو حتى تجاه دينهم الذي حملوه ما ليس فيه وتذرعوا به. لقد كانت الأعمار الصغيرة لمنفذي عملية الهجوم الإرهابي على مركز مباحث الزلفي مؤشراً يثبت لنا أنه مازال هناك من يستطيع السيطرة على عقول أبنائنا والعبث بها، ومن ثم التحكم بهم وتحويلهم إلى أدوات تدمير تنفذ فقط دون أن تفهم ما يتم إملاؤه عليها ودون أن تعي عواقب ما تفعل، لينتهي بهم الأمر إلى الموت وسوء المنقلب بعملية انتحارية ضد دينهم ووطنهم ومجتمعهم، في أسوأ نهاية يمكن أن تحدث لشباب كان يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية كمثل من هم في عمرهم، لو لم يسلموا أحلامهم إلى من يحولها إلى أوهام زائفة لا مصير لها ولا مآل سوى الخسران المبين. لقد أكد لنا ما حدث أن أيدي الشر والإرهاب والتطرف لا تتوقف عن استهداف شبابنا وفتياتنا بمختلف الوسائل وعلى مدار الساعة، متبعين في ذلك أسلوباً مكثفاً وممنهجاً يعتمد على طرق تتعمد التأثير على عقولهم وملامسة لب مشاعرهم من خلال التركيز على العاطفة الدينية وتأويل النصوص الشرعية مع توظيف مشاهد العنف والتخفي تحت شعار الجهاد، وجميعها توجهات ضالة مضلة أصبح المجتمع قادراً أكثر من أي وقت مضى على كشف ألاعيبها وإبطال أساليبها، وقد كان هذا الوعي جزءاً أساسياً في بناء الأمن الفكري الذي يتكامل مع دور الأجهزة الأمنية الباسلة. إن هذا الوعي المتواكب مع الحس الأمني والوطني العالي هو سلاحنا الأقوى في استكمال انتصارنا المتجدد بفضل الله على قوى الإرهاب المدحورة اليائسة، وبقدر ما أكدت الأيام قوة نسيجنا الاجتماعي ووحدتنا الوطنية كعنصر حاسم في حماية مكتسباتنا وتحصين أفكار أبنائنا، فقد أكدت لنا كذلك حقيقة واضحة للجميع وهي أن استقطاب الشباب والفتيات الغرض الأساسي منه لم يكن أبداً بدافع ديني أو جهادي وإنما جاء مدعوماً من قوى خارجية لا تريد الخير لهذا الوطن العزيز بل تعمل كل يوم على تهديد مسيرة تقدمه وتنميته الماضية قدماً نحو مستقبله الزاهر بإذن الله تعالى.