لم يكن مستغرباً الطلب الهائل التاريخي من الكيانات الاستثمارية العالمية التي تدافعت بقوة لشراء سندات شركة أرامكو السعودية في أول ظهور لها في أسواق الدين الدولي في صفقات طلب شراء تجاوزت قيمتها 375 مليار ريال (100 مليار ريال دولار) أي أكثر من تسعة أضعاف قيمة ما تنوي أرامكو طرحه من سندات بمبلغ 45 مليار ريال (12 مليار دولار) والتي أقفلت أمس الأربعاء، في وقت اعتبر هذا الإقبال الكبير لسندات أرامكو الدولية بمثابة شهادة ثقة وضمان لقوة الاقتصاد السعودي وقوة جاذبيته للاستثمارات الأجنبية العالمية المباشرة بالأصول غير متأثرة بحفنة الحملات المغرضة للنيل من قوة البيئة الاستثمارية المنتعشة للاقتصاد السعودي المزدهر. وشهدت جلسات العروض التقدمية لسندات أرامكو التي تنظمها الشركة خارج المملكة تقديم نشرة إصدار السندات للمستثمرين العالمين الذين استهدفتهم الشركة حيث رأى محللون ماليون بأن مثل صفقة سندات أرامكو تقدم صفعة قوية لسوق الديون العالمي ومدى قدرته لاستيعاب الصفقات الضخمة غير المسبوقة في تجارة السندات. فيما ذهبت تحليلات إلى أن المملكة العربية السعودية اتخذت خطوتها الرئيسية الأولى على الساحة المالية العالمية لتمويل طموحاتها الكبيرة لتنويع موارد الدخل في واحدة من أكثر عروض الديون زيادة في التاريخ. وكان الطلب على العرض الأول من أرامكو السعودية قوياً للغاية لدرجة أنه سمح لشركة الطاقة العملاقة أن تقترض بعائد أقل من الإقراض الحكومي بصفة السيادة، وهوا أمر نادر الحدوث في عالم الديون في وقت ساعد الاندفاع المهول لشراء ديون أرامكو في خفض تكاليف الاقتراض للمملكة. وشكل نجاح الصفقة أمراً ضروريًا لبعض من أكبر البنوك في العالم والتي عملت مع أرامكو ومسؤولين من الحكومة السعودية في حملة ترويجية عالمية في الأسبوع الماضي عرضت السندات من بوسطن إلى سنغافورة حيث قام الرئيس التنفيذي لبنك "مورقان" جيمي ديمون بتدشين الصفقة في مأدبة غداء في نيويورك فيما تتصدر طلبيات بيع السندات لشركة النفط العملاقة السعودية صفقات الأسواق الناشئة الأخرى، وتمكنت مجموعة "جي بي مورقان" و "مورقان ستانلي" من إدارة بيع السندات إلى جانب مجموعة "ستي قروب" و"قولدمان ساكس" و"أتش أس بي سي" القابضة والأهلي كابيتال حيث تخلل حملاتها الترويجية العالمية لسندات أرامكو زخم معلوماتي بهر المستثمرون بالبيانات المالية والأسرار التشغيلية لأهم أصول النفط والغار بالمملكة والتي كانت تمثل حلماً لبلوغها من قبل كبار المستثمرين العالميين. وقد دفعت الإفصاحات للمستثمرين هذا الإقبال الكبير وأهمها بلوغ صافي أرباح أرامكو 416,5 مليار ريال في العام 2018 وتصنيف الشركة بالأكثر ربحية في العالم ذات الديون المنخفضة مقارنة بتدفقها النقدي وإمكانية الوصول إلى واحد من أكبر احتياطيات الهيدروكربون في العالم. وقال بوب سامرز مدير محفظة الاستثمار في "نيوبيرجر بيرمان" في شيكاغو: "لا يوجد نقاش حول مدى قوة هذا الكيان عند النظر في أصوله وتوليد التدفق النقدي". في وقت تجاوزت طلبات المستثمرين للصفقة المكونة من خمسة أجزاء 100 مليار دولار في ذروتها يوم الثلاثاء في ظل مطالبة المستثمرين بعدم إصدار سندات بقيمة 10 مليارات دولار لمدة 10 سنوات والتي يتم تسعيرها ب 105 نقطة أساس وهي أكثر من سندات الخزانة الأميركية، أي أقل بمقدار 12.5 نقطة أساس مما يطلبه المستثمرون لامتلاك ديون استحقاق مماثلة للحكومة السعودية. وشكلت الأرقام المعلنة عن احتياطيات المملكة النفطية الضخمة أكبر جذب للمستثمرين حيث بلغ الاحتياطي الإجمالي من النفط المكافئ 256 مليار برميل والطاقة القصوى 12 مليون برميل يومياً وبلغت قيمة الاحتياطات المسالة 226 مليار برميل، فيما شد الأنظار أكبر الحقول السعودية الغوار بطاقة 3,8 ملايين برميل واحتياطاته المسالة 48,25 مليار برميل والاحتياطات الاجمالية 58,32 مليار برميل من النفط المكافئ في اليوم. فيما فصلت نشرة سندات أرامكو معلومات على درجة كبيرة جداً من الأهمية للمستثمرين حول حقولها الأربعة الكبرى الأخرى تشمل ثاني أكبر الحقول السفانية بطاقة إنتاجية 1,3 مليون برميل يومياً ويمتلك احتياطات مسالة بطاقة 33,66 مليار برميل في اليوم، واجمالي احتياطات بطاقة 34,03 مليار برميل من النفط المكافئ، وثالث أكبر الحقول زلف بطاقة 825 الف برميل يوميا ويمتلك احتياطيات مسالة بطاقة 30,42 مليار برميل، واحتياطات إجمالية بطاقة 31,31 مليار برميل من النفط المكافئ يومياً، ورابع أكبر الحقول حقل خريص بطاقة 1,450 مليون برميل يوميا، ويمتلك احتياطات مسالة بطاقة 20,10 مليار برميل، والاحتياطات الاجمالية بطاقة 21,40 مليار برميل من النفط المكافئ، وخامس أكبر الحقول حقل الشيبة بطاقة مليون برميل يوميا، ويمتلك احتياطات مسالة بطاقة 13,62 مليار برميل، واجمالي احتياطات بطاقة 14,86 مليار برميل من النفط المكافئ، فيما تبلغ الطاقة الإجمالية للحقول الأخرى 3,625 مليون برميل يومياً، وتمتلك احتياطات مسالة بطاقة 80,72 مليار برميل وإجمالي احتياطيات بطاقة 96,96 مليار برميل من النفط المكافئ. فيما تمعن المستثمرون بقدرة أرامكو على تصدير طاقة 7,3 برميل نفط يومياً خلال 2018، ما يعادل 71 % من إنتاجها رغم تقلبات سوق الطاقة في وقت استحوذت أسيا على 51 % من صادرات النفط السعودي بطاقة 5,2 مليون برميل يومياً، فيما استحوذت أمريكا الشمالية على 10 % وبطاقة 1.013 مليون برميل يومياً، فيما استحوذت أوروبا على نسبة 8 % من صادرات النفط السعودية وبطاقة 864 ألف برميل يومياً، فيما استحوذت مناطق أخرى من العالم ما مجموعة 240 ألف برميل يومياً تشكل نسبة 2 % من إجمالي الصادرات النفطية السعودية. وبشأن المبيعات المحلية للنفط فقد بلغ إجمالي عدد عمليات التسليم داخل المملكة 2,977 مليون برميل يومياً وبنسبة 29 %، فيما بلغت طاقة التسليم إلى المشروعات المشتركة المحلية والعمليات المشتركة بأسعار غير منظمة 1,860 مليون برميل يومياً وبنسبة 18 %، بينما بلغت طاقة التسليم إلى المصافي المحلية المملوكة بالكامل للشركة 707 ألف برميل في اليوم وبنسبة 7 %، وبلغت طاقة عمليات التسليم المحلية بأسعار منظمة 410 ألف برميل يومياً وبنسبة 10 %. وارتفعت الحصة السوقية للشركة من النفط الخام من 13.1 % في العام 2017 إلى 13.3 % في العام 2018.