لطالما ظل المستثمرون العالميون في صناعة الطاقة ولا سيما النفطيين لسنوات يحلمون للوصول لبيانات ومعلومات وإحصاءات لثروات المملكة النفطية إلا أن ذلك تحقق لهم في أول أبريل الجاري عندما كشفت نشرة سندات أرامكو من 469 صفحة عن طاقة أكبر حقولها الغوار 3,8 ملايين برميل في اليوم، إضافة إلى إجمالي أربعة ملايين برميل يومياً موزعة بالتساوي في حقول خريص والسفانية، والشيبة، والزلف، وأربعة ملايين برميل يومياً أخرى من عدة حقول مختلفة لعام 2018، في وقت أنجزت أرامكو في 2019 توسعة إنتاج حقل خريص إلى 1,5 مليون برميل يومياً. وفي جوانب الوثيقة من أهم ما طرح ما يشير إلى إعلان الشركة الخوض في منافسة طويلة المدى مع نظيراتها شركات النفط والغاز الكبرى الأكثر تقدماً في جهودها لزيادة التكامل الرأسي على أمل أن تلحق أرامكو بالركب وتجاوزه لبلوغ قمة العالم في صناعة الطاقة في 2030، وتحقيق رؤية المملكة التي بدأت تتضح الكثير من معالمها الملموسة للعيان. وأبرزت الوثيقة أيضاً القيود التي تواجهها أرامكو كسائر قرنائها ومنها التقلبات في أسعار النفط والطلب غير مؤكد على المدى الطويل بأمل أن تساهم السندات في فرص تنويع إيرادات أرامكو ومنح الدولة الأموال للاستثمار في القطاعات غير النفطية. وضمن ما ألمحت إليه الوثيقة أن استحواذ شركة أرامكو السعودية على شركة «سابك» وكلاهما من فئة امتياز مرتفع مستقر يعكس الجهود التي تبذلها شركات النفط العالمية الكبرى وشركات النفط الوطنية لزيادة الاندماج في مجالات التكرير والبتروكيميائيات حيث إن هوامش التكرير والبتروكيميائيات هي عكس التقلبات الدورية لأسعار النفط وتمثل تحوطًا ضد انخفاض أسعار النفط. وظهرت أهمية التكامل الرأسي في المشروعات المدمجة في الفترة 2015-2016، عندما انهارت أسعار النفط وكانت الشركات التي لديها عمليات تنقيب عن النفط، مثل «كونوكو فيليبس» تحت ضغط أكبر مقارنة بالمنتجين المتكاملين. علاوة على ذلك تمثل الاستثمارات في البتروكيميائيات بمثابة تحوط ضد سيناريو «ذروة الطلب على النفط» على المدى الطويل. وفقا لفيتش للتصنيف ويمكن أن يصل الطلب على النفط إلى ذروته بحلول عام 2030. وكذلك الحال للشركات التي لديها تكاليف إنتاج منخفضة وأكثر اندماجًا في البتروكيميائيات ستكون في وضع أفضل لتحمل الطلب المتراجع بعد ذلك على الرغم من أنه من الصعب التنبؤ بكيفية يمكن أن يتغير السوق إذا ارتفع الطلب على النفط ومع ذلك من غير المرجح أن يحدث لمدة 10 سنوات على الأقل. وكثفت أرامكو السعودية استثماراتها في مجرى التكرير والبتروكيميائيات بما يتماشى مع الرؤية السعودية 2030 التي تدعو إلى تنويع اقتصاد المملكة إلى ما بعد إنتاج النفط. وركزت أرامكو السعودية على الأسواق التي يمكن أن توفر فرص تكامل رأسي لمنتجات الشركة في مرحلة الإنتاج الأولي مثل الولاياتالمتحدة «موتيفا» وكوريا الجنوبية «إس-أويل» والصين والهند واليابان. وفي تعليق تلفزيون على الوثيقة قالت رئيسة أبحاث البنك الإماراتدبي الوطني، أنيتا ياداف لقد أصبحت الحكومة السعودية أكثر انفتاحاً وشفافية بشأن مواردها المالية وتحديثات الميزانية وهذا ليس مفاجئًا بالنظر إلى أن اعتماد البلاد على المستثمرين الدوليين قد زاد في الماضي القريب وأن المزيد من الشفافية تعادل تسعيرًا أفضل وتكلفة أقل للديون للحكومة. فيما توقع محللون إن المصلحة مرتفعة للغاية للمستثمر في أي إصدار للسندات من قبل أرامكو وأشارت إلى أن الميزانية العمومية لأرامكو منخفضة الاستدانة ومن المرجح أن تكون قوتها الائتمانية أقوى من قوة الحكومة السعودية بناءً على الهيكل والمدة المعروضة، متوقعة زيادة كبيرة في الاكتتاب لسندات أرامكو. في حين شهدت المملكة بالفعل نجاحًا هائلاً في عملية التنقيب الأخيرة لسوق السندات فقد أصدرت سندات سيادية بقيمة 7.5 مليارات دولار في يناير الماضي والتي حصلت على طلبات شراء بقيمة 27 مليار دولار. وحصلت المملكة على أعلى التصنيفات من وكالات التصنيف الائتمان أمتبار مرتفع ومضاعف والتي تؤكد الموثوقية وانخفاض المخاطر على المستثمرين. توسعة إنتاج حقل خريص إلى 1,5 مليون برميل يومياً